responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 302
وقوله في الآية الثانية والثلاثين من سورة النازعات المكية. (والجبال أرساها) وحفظ وضعها ومهاد الأرض بأسباب القدرة وآثار الحكمة ورعاية الغايات بإتقان ماهد لا تغفل عنايته عن رعاية دام المهاد ورسو الجبال في مراكزها على الناموس الذي تقوم به غايات خلقها ونعمة منافعها فلا تقوى العوارض والكوارث على تغيير هيئة هذا المهاد وهذه الجبال. بل لا تزال العناية في تعديل وضعها وحفظ صورتهما النافعة. والمظنون أن المستخدم المسخر في هذا التعديل هي النار السيارة في جوف الأرض على الدوام لأداء هذه الوظيفة الكريمة وغيرها من سوق الماء وإصعاده إلى العوالي كرؤوس الجبال وأعالي الهضاب، وتوليد المعادن والصخور والأحجار لتقوم بمنافعها للبشر، وتعديل مياه البحار وحفظ مناسباتها، وتصعيد البخار لأداء منافعه إلى غير ذلك مما لم يدركه العلم بعد. وانظر كيف جعل لهذه النار السائرة منافذ تخرج منها وجواذب تعدل سيرها وتدفع عادية حركتها القوية عن الأرض. وهذه المنافذ هي منافذ البراكين (جبال النار).

وهي فوهات في أعالي كثير من الجبال تخرج منها النار بأحوال عجيبة ترشد إلى الحكمة الباهرة. ومع ذلك فقد أبقت الآيات أثرا للاعتبار وإشارة إلى الموعظة وعظيم المنة وذلك أن هذه النار السائرة قد تزيد على مجاريها أو تكثر في مكان لأجل تأديه أعمالها فتحاول أن تخرج من قشرة الأرض فتحصل الزلازل الخفيفة أو الهائلة وربما يتعقبها الانفجار أو الخسف وفي ذلك ألطف استلفات إلى النعمة العظيمة والغاية الكريمة في خلق جبال النار (البراكين) وسائر الجبال الجاذبة للنار والمثبتة لقشرة الأرض. وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في الآية الخامسة عشر من سورة النحل المكية بقوله تعالى (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) ونحوه في الآية الواحد والثلاثين من سورة الأنبياء والعاشر من سورة لقمان المكيتين. ولولا هذه الجبال الراسية بالحكمة والمصرفة للنار لاستولى الميدان والزلزال على الأرض.

وانظر إلى أجزاء الأرض وقطعها المتجاورة فإنك تراها مختلفة اختلافا كثيرا لم تجر على قياس مطرد، فترى في المنطقة الحارة فيما يقرب من البحر أو ما يبعد عنها أرضا طينية زراعية، وأرضا صخرية نارية، وصخرية كلسية، وأرضا رملية بينها طبقات مستحجرة، وترى ذلك في المنطقتين المعتدلتين والمنطقة الباردة الشمالية. وانظر إلى الثمار التي تنبت في أرض واحدة وتسقى من ماء واحد وهي متساوية في مهب النسيم وإشراق الشمس وتأمل في حكمة اختلافها في الأوضاع والخواص والطعوم واللذات.

اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست