responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 275
الشهير الفرنساوي (غوستاف لبون) الرأي المبني على المشاهدة والاختبار بحيث وافقه أكثر علماء أوروپا ولم يثبت أمام النقد العلمي إلا نظرياته وهو أن المادة قوة متكاثفة وأن المادة ليست أبدية بل تتلاشى بانحلالها إلى القوة كما أن الراديوم وما شاكله من المواد تتلاشى بإرسال ذرات صغيرة تفلت منها ذات سرعة عظيمة تكون قوة تكهرب الفضاء في التلغراف اللاسلكي. والقوة أيضا تنحل إلى الأثير كما أن المادة ليست أزلية بل إن الأثير تكاثف في الأزمان البعيدة بسبب لا نعلمه فصار مادة فإن لم تكن المادة والجواهر الفردة أزلية كما هو الرأي القديم فالأثير على الرأي الجديد هو الأزلي وإلى هذا الأزلي ينتهي تعليل وجود الكائن فلا حاجة إلى التعدي عن الطبيعة إلى فرض وجود الإله، وأيضا فإن العلم العصري لا يسمح لنا بأن نؤمن بوجود غير منظور.

الشيخ. أيها الدكتور إني أبدأ بالتعرض لكلمتك الأخيرة أعني قولك (فإن العلم العصري لا يسمح لنا بأن نؤمن بوجود غير منظور) ألا وإن هذه الكلمة مما يتبرأ منه العلم العصري وشرف الانسانية. كيف يقول ذلك إنسان أوليس جميع العالم مذعنا بوجود القوة الكهربائية فهل هي منظورة. أو ليست مشاهدة أعمالها وآثارها في الجذب والدفع والتحريك كافية في الاذعان بوجودها مع أن العلم لم يأخذ قراره في ماهيتها ففي القديم إنها كائن مقابل للمادة كامن فيها يهيج بأحد الهيجات المقررة، وفي الجديد إنها مرتبطة في المبدأ بالمادة تتولد من انحلال المادة إليها بأحد الأسباب المقررة كما أنها تتكاثف وتكون مادة. هل ينكر أحد وجود النفس للحيوان فهل هي منظورة أو ليست أعمالها الحيوية الشعورية تجبر الانسان على الاذعان بوجودها بعد أن يرى أن الجسم الذي تفارقه لا تأتي منه هذه الأعمال بل يكون كسائر الجمادات وإن خفي على العلم كنه النفس فتشبعت فيها الأقوال. أفي القوة الكهربائية شك مع مشاهدة الأعمال التي يحصرها العلم بتأثير القوة الغير المنظورة. أفي النفس شك مع مشاهدة أعمال الحياة التي يحصرها العلم بتأثير النفس. (أفي الله شك فاطر السموات والأرض) مع مشاهدة الأعمال الكبيرة في النظام الباهر والحكمة الفائقة في عالم الكون.

هذه الأعمال التي لا يمكن للعلم المستقيم إلا أن يحصر تعليل صدورها بواجب الوجود العليم الحكيم وهو الله جلت عظمته. أيها الدكتور، الجواهر الفردة وحركاتها اللولبية وزوابع الأثير والأثير هل رآها أحد أو رأى واحدا منها بالنظارات المكبرة أو المقربة. الدكتور: لا وكلا بل إنهم افترضوها افتراضا لتوجيه التعليل والانتهاء به إلى أصل يوقف عليه. الشيخ: لماذا التزموا بكون الجواهر المذكورة فردة لا تتجزأ وتعرضوا للنقد العلمي المبين لاستحالة وجود الجزء الذي لا يتجزأ. ولماذا التزموا بكون الأثير في منتهى البساطة. الدكتور: لأنهم إذا قالوا بتركب الجواهر من الأجزاء لم يمكنهم القول بأزليتها وكذا الأثير.

الشيخ: إذا كان التجزأ في المقدار تركيبا ينافي الأزلية فالأثير المفروض مهما فرضوا له من بساطة الذات فهو متجزئ في المقدار وله مادة وصورة فهو مركب إذن فكيف قالوا بأزليته. دع هذا إلى حين ولكن لماذا لم يقولوا بأن الجواهر والأثير متسلسلة من موجودات لا نهاية لها فيذهبوا بسلسلة التعليل إلى غير نهاية ولا يلتزمون بفرض موجود أزلي لا حجة لهم على أزليته. بل إنهم يثبتون له أوصافا تنافي الأزلية.

اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 275
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست