responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 263
وفي معرب أصول الأنواع ص 261 و 262 لقد تكلمنا في الفصول الأولى من هذا الكتاب في التغايرات وأثبتنا أنها كثيرة متعددة الصور متنوعة الأشكال في الكائنات العضوية إذ تحدث بتأثير الايلاف. وأنها أقل حدوثا وتشكلا إذ تنشأ بتأثير الطبيعة المطلقة وغالب ما نسبنا حدوثها للمصادفة العمياء على أن كلمة (مصادفة) اصطلاح خطأ محض يدل على اعترافنا بالجهل المطلق وقصورنا عن معرفة السبب في حدوث كل تعاير معين يطرأ للأحياء. إنتهى. وقال أيضا ص 279 و 280 وكثيرا ما تستغلق دوننا وجوه الرشد في اكتناه دستور محكم نسترشد بهديه في ظلمات هذه الأبحاث فقد لاحظ (جفروي) أن بعض التشوهات الخلقية الحادثة بالطبيعة كثيرا ما تتشارك في الوجود وأن غيرها يندر تشاركها كل ذلك ونحن غلف لا نعرف سببا ننسب إليه وجودها على تلك الحال. وأية حالة أبعد تشابكا في حلقات صلاتها من تبادل النسبة التام بين بياض لون السنانير وصممها.

عمانوئيل: يا سيدي فياليت هذه الاعترافات الحقيقية قد صدت داروين وأتباعه عن طفرة الإيمان الغيبي بمسألة تحول الأنواع وتسلسها عن أصل واحد، بل كان يكفيهم ما يحدده الحس والشعور التاريخي من أن لكل نوع حدا وسطا تتراوح عليه آثار التحسين والانحطاط بحسب أسبابها إلى حد محدود في الصورة النوعية. ويا ليتهم لم يتركوا الخيال قلقا من أوهام الحلقات المفقودة دائم الأسف عليها كأنها أنس بها دهرا ثم أصبح ثاكلا لها. وكم وقع الأساتذة في خجل الخيبة حينما خيل لهم الشوق المستعجل أنهم وجدوا حلقة من حلقات الاتصال. كما تجد ذكره في الصحف. أما آن لأهل العلم التجريبي أن يسلوا هذا الفقيد الموهوم، هب أنا وجدنا في قاع البحار حجرا متعضيا تعضيا طبيعيا لا صناعيا ولا بناموس استحجار الحيوان. أو وجدنا في شواطي البحار مادة جلاتينية تهتز بحركة حيوية لا ميكانيكية فلماذا نطفر ونؤمن دفعة بأن هذه من حلقات الاتصال في تسلسل الأنواع؟ ثم ننظم سلسلة طويلة وهمية من حلقات وهمية لا تحصى؟ ولماذا لا نقول: إن ما وجدناه نوع من الكائنات التي لا يحصي الاستقراء أنواعها. ولا نتعدى عن نوعيته حتى يتجلى لنا بالحس تحوله إلى نوع آخر فنثبت ذلك في دفتر العلم التجريبي ونقف بشرف العلم على هذه التجربة حتى يتجلى لنا بالحس تحوله أيضا إلى نوع آخر. وهكذا فنتكلم كلاما علميا تجريبيا. يا سيدي وفي معرب أصل الأنواع أيضا ص 132 (إن التفريق بين التنوعات والأنواع لا يصح إلا بشرطين: (أولهما): اكتشاف الصور الوسطى التي تربطهما) يا سيدي فمن أين اكتشفت الصور الوسطى الرابطة في التحول. هل يكفي افتراضها خياليا بتربية الحمام عشرين سنة. وأيضا ص 132. (ثانيهما): معرفة مقدار التغايرات المحدودة التي تقع بينها) ولم يأتي بشئ في هذا الشرط.. بل قال ص 133 بعد كلام هو أعرف بمحصله في الحجة (بيد أنا لا نفقة لها معنى ولا نكشف عطاء إذا اعتبرنا أن الأنواع قد خلقت خلقا مستقلا).

يا سيدي إذا قلنا إن الأنواع خلقت خلقا مستقلا على طبائع تجري على نواميسها في مواليدها فهل يتعذر على العلماء درس طبايعها وعوارضها وما يلائمها وما يضرها وما يصلحها فلا يفقه العلماء لها معنى ولا يكشفون عن أمرها بدرسهم غطاء؟ إذن فكيف درس العلماء طبايع الأحياء وأعضائها ودونوا طبها وطبيعياتها قبل مذهب داروين. وهل قلب مذهب داروين نظرياتهم السابقة إلى طب داروني وطبيعيات دارونية قد بنى فقهها وكشف غطائها على ارتباط الأحياء بالتسلسل من نوع واحد.

متى كان ذلك. أليس كل ما في العلم من طب وطبيعيات إنما هو من درس أولئك السلف من الأساتذة الذين لم يخطر مذهب داروين ببالهم. وعلى أساسهم بني الخلف وترقى في اكتشافاته. أم يريد داروين أن التشابهات لا يفهم لها معنى بالخلق المستقل للأنواع. فهل يمتنع حصول التشابهات في الخلق المستقل. وهل بالقول بتسلسل الأنواع الموهوم زاد فقها بالتشابهات وكشفا لغطائها وفاق به القائلين بالخلق الخصوصي سواء كانوا إلهيين أو ماديين؟

اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست