responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذات الإلهية وفق المفهوم الفلسفي المؤلف : السويعدي، مالك مهدي    الجزء : 1  صفحة : 31

الفصل الثامن
الذات الإلهية


عندما نتحدث عن الذات الإلهية نريد إبانة ما ورد إلينا من الكتاب ومن سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين وما حكمه العقل بإمضاء وتأييد الشارع المقدس.

إن الله تعالى لا يرى بحاسة البصر لا في الدنيا ولا في الآخرة. وذلك لأن الذي نراه لا بد أن يكون جسماً [1] ويشار إليه، وفي جهة المقابلة، وله صورة وشكل ومكان. والله سبحانه منزه عن جميع ذلك، ولأن المرئي محاط بالنظر ضرورة، والله محيط، فلا يكون محاطا، وكل ذلك من لوازم الجسمية، والله أظهر الموجودات وأجلاها، فلو تأملت حواس الإنسان، تجدها قاصرة فحاسة البصر لا ترى النمل على بعد أميال مثلا، إلا أنها تستطيع الرؤية لغاية منظورها. ولكن نستطيع ذلك باستعمال الناظور لرؤية الأماكن البعيدة.

كذلك الحيوانات الصغيرة في برك الماء، والجراثيم فإننا لا نستطيع رؤيتها إلا بالمجهر وتطلع إلى السمع تجده قاصراً، لأن الأذن تسمع الهزات من خمس إلى عشرين ألف، فالذي ينقص عن ذلك لا تسمعه، وما زاد يشق طبلة الأذن. والإنسان لا يشم رائحة السكر، مع أن الذباب والنمل يشمها ويسرع إليها عن بعد.

وكذلك العقل، لا يستطيع أن يرسم أكثر من صورة واحدة فيه بآن واحد وحتى الخيال، فلا تستطيع تخيل شيء وليس له وجود في الكون. فإننا لا نستطيع تخيل رائحة حمراء، والسمك في البحر لا يستطيع تخيل عالم البر إلا إذا أخرج في حوض ماء مثلا، والإنسان لا يستطيع تخيل صوراً ليس لعالمها وجود. فالثور المجنح تشكيل في الكون، فالجناح موجود، والثور موجود في الكون ولا شيء جديد قد قام بتوسعه الخيال.

فالوهم قاصر أيضا، فكيف تستطيع عقولنا القاصرة أن تدرك الله سبحانه. إن السبب يعود لشيئين:


[1] الجسم يفتقر للمكان، والعرض يفتقر للجسم، كاللون يفتقر للجسم ليعرض عليه لأنه ممكن.

اسم الکتاب : الذات الإلهية وفق المفهوم الفلسفي المؤلف : السويعدي، مالك مهدي    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست