اسم الکتاب : دور العقيدة في بناء الإنسان المؤلف : ذهبيات، عباس الجزء : 1 صفحة : 51
الابتعاد عن الناس آنا ما ، بغية الانقطاع إلى اللّه تعالى.
وهذا الأمر ـ بطبيعة الحال ـ لا ينطبق على جميع العبادات ، فالحج الذي هو عبادة ذات صبغة اجتماعية ، يجتمع خلاله الناس من كلِّ حدب وصوب في مكان واحد ، وزمان محدد ، لأداء شعائر واحدة.
من جانب آخر يمكن حمل العزلة على تجنّب مخالطة الأشرار ، فقد ورد في وصية الرسول 6 لأبي ذر الغفاري 2: ...« يا أبا ذر ، الجليس الصالح خيرٌ من الوحدة ، والوحدة خيرٌ من جليس السوء .. »[١].
أما الاختلاط بالأخيار ، فهو أمر مرغوب فيه ، والإسلام ـ كما أسلفنا ـ يحثُ عليه ، وعلى العموم فهناك حالات استثنائية تستدعي العزلة عن الناس ، أما القاعدة العامة في الإسلام ، فتؤكد على مخالطة الناس ، والصبر على أذاهم.
يقول الرسول الأكرم 6 : « المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم » [٢].
والإسلام يبغض العزلة التامة عن الناس مهما كانت مبرراتها ، عبادية أو غيرها ، فلا رهبانية في الإسلام كما هو معروف ، ومن الشواهد النقلية على ذلك أن رسول اللّه 6 فقد رجلاً ، فسأل عنه فجاء ، فقال : يا رسول اللّه إنّي أردتُ أن آتي هذا الجبل فأخلو فيه فأتعبّد ، فقال رسول اللّه 6 : « لصبر أحدكم ساعةٍ على ما يكره في بعض مواطن الإسلام خير من
[١] مكارم الاخلاق ، للطبرسي : ٤٦٦ ـ مؤسسة الاعلمي ـ ط٦. [٢] كنز العمال ١ : ١٥٤ / ٧٦٩.
اسم الکتاب : دور العقيدة في بناء الإنسان المؤلف : ذهبيات، عباس الجزء : 1 صفحة : 51