ومن الأسباب التي دعتني للاستبصار وترك سنة الآباء والأجداد الموازنة العقليّة والنقليّة بين عليّ بن أبي طالب وأبي بكر.
وكما ذكرت في الأبواب السابقة من هذا البحث، أنّي أعتمد على الإجماع الذي يوافق عليه أهل السنّة والشيعة.
وقد فتّشت في كتب الفريقين فلم أجد إجماعاً إلاّ على علي بن أبي طالب، فقد أجمع على إمامته الشيعة والسنّة في ما ورد من نصوص ثبتّتها مصادر الطرفين، بينما لا يقول بإمامة أبي بكر إلاّ فريق من المسلمين، وقد كنّا ذكرنا ما قاله عمر عن بيعته أبي بكر.
كما أنّ الكثير من الفضائل والمناقب التي يذكرها الشيعة في علي بن أبي طالب لها سند ووجود حقيقي ثابت في كتب أهل السنّة المعتمدة عندهم، ومن عدّة طرق لا يتطرّق إليها الشك، فقد روي الحديث في فضائل الإمام علي جمع غفير من الصحابة، حتى قال أحمد بن حنبل : « ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)من الفضائل كما جاء لعلي بن أبي طالب »، وقال القاضي إسماعيل والنسائي وأبو علي النيسابوري : « لم يرد في حقّ أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في عليّ » [2] .