responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ثم اهتديت (تحقيق وتعليق مركز الأبحاث العقائدية) المؤلف : التيجاني السماوي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 136

التفضيل بين الخلفاء

قلت : إنّ علماءنا علّمونا أنّ أفضل الخلفاء على التحقيق سيّدنا أبو بكر الصديق، ثُمّ سيّدنا عمر الفاروق، ثُمّ سيّدنا عثمان، ثُمّ سيّدنا علي رضي اللّه‌ تعالى عنهم أجمعين؟

سكت السيّد قليلاً، ثمّ أجابني : لهم أن يقولوا ما يشاؤون، ولكن هيهات أن يثبتوا ذلك بالأدلّة الشرعيّة. ثمّ إنّ هذا القول يخالف صريح ما ورد في كتبهم الصحيحة المعتبرة، فقد جاء فيها : إنّ أفضل الناس أبو بكر، ثمّ عمر، ثمّ عثمان، ولا وجود لعلي بل جعلوه من سوقة الناس، وإنّما ذكره المتأخرون استحبابا لذكر الخلفاء الراشدين[1].


[1] بعد تغلّب المروانيين على دفّة الحكم وما صنعوه من الجرائم، تحقّق عيانا السبب في عدم رؤية النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) ضاحكا إلى أن قُبض لما رأى في الرؤيا بني مروان ينزون على منبره نزو القردة. المستدرك للحاكم ٤: ٤٨٠ وصححه وكذلك الذهبي.
وكان عليّ بن أبي طالب عليه السلام هو المظلوم الحقيقي في تلك الفترة حيث سُبّ ولعن على المنابر، قال ابن تيميّة في منهاج السنة ٦: ٢٠١ «وقد كان من شيعة عثمان من سبّ عليّا ويجهر بذلك على المنابر وغيرها؛ لأجل القتال الذي كان بينهم وبينه». وحتّى كانوا لا يعدّونه من الخلفاء وكانوا يرمون من ساوى بينه وبين عثمان بالتشيّع (السنّة للخلاّل: ٣٩٤ ح٥٦٤) واستمر هذا إلى زمن أحمد ابن حنبل، وهو الذي حاول كسر هذا الطوق ـ فله الشكر من هذه الجهة ـ .
كان أحمد بن حنبل يتكلّم وينظّر ويستدل لاثبات خلافة أمير المؤمنين بعد عثمان، قال: عليّ عندي خليفة، يقيم الحدود، ويقال له أمير المؤمنين ولا ينكر، ثمّ قال للراوي: اكتب هذا فانّه يقوّي من ذهب إلى أنّ عليا خليفة (السنّة للخلاّل: ٤١٥ ح٦١٩).
وطبعا كان يرى الاستنكار والاعتراض، يقول عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: قلت لأبي عبد اللّه‌ (أحمد بن حنبل): فأنا وبعض إخوتي هو ذا، نعجب منك في إدخالك عليا في الخلافة.
قال: فأيش أصنع، وأيش أقول بقول عليّ رحمه اللّه‌: أنا امير المؤمنين، ويقال له: يا أمير المؤمنين، ويحجّ بالناس والموسم وتلك الأحكام والصلاة بالناس.
قلت: فما تصنع وما تقول في قتال طلحة والزبير إيّاه وتلك الدماء؟ قال: ما لنا وما لطلحة والزبير وذكر ذا...» (السنة للخلال: ٤٢٦ ح٦٤٦).
وقال ابن تيميّة الحرّاني في معرض كلامه عن قتال علي بن أبي طالب عليه السلامللبغاة قال: «.. وبهذا احتجّوا على الإمام أحمد في ترك التربيع بخلافته فإنّه لما أظهر ذلك قال له بعضهم: اذا قلت كان إماماً واجب الطاعة ففي ذلك طعن على طلحة والزبير حيث لم يطيعاه بل قاتلاه؟!
فقال لهم أحمد: إنّي لست من حربهم في شيء... ولكن اعتقاد خلافته وإمامته ثابت بالنصّ، وما ثبت بالنصّ وجب اتّباعه وان كان بعض الأكابر تركه..» مجموعة الفتاوى الكبرى ٤: ٢٧٠.
وبلغ الإنكار على أحمد في ذلك حتّى إنّه كان يفحّش على من لم يقل أنّ عليا خليفة ويبدّعه قال ابن تيميّة: «المنصوص عن أحمد تبديع من توقّف في خلافة علي، وقال: هو أضل من حمار أهله، وأمر بهجرانه، ونهى عن مناكحته..» مجموعة الفتاوى الكبرى ٤: ٢٦٩ (السنّة للخلاّل: ٤١٩ ح٦٢٦)، وكذلك كان عمّه يقول بحضرته: «هؤلاء الفساق الفجار الذين لا يثبتون إمامة عليّ... وأحمد ساكت يبتسم» السنّة للخلاّل: ٤٢٧ ح٦٤٨.
وسُئل مرة: يا أبا عبداللّه‌ من قال: أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ أليس هو عندك صاحب سنة؟ قال: بلى لقد روي في عليّ رحمه اللّه ما تقشعر ـ أظنة الجلود ـ قال (صلي الله عليه و آله وسلم): «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى...» (السنّة للخلاّل: ٤٠٧ ح٦٠٢).
طبعا لم يُعترض على أحمد حينما أثبت خلافة عليّ بعد عثمان فحسب، بل اعترض عليه أيضا بعد ما اظهر التربيع في التفضيل بين الخلفاء، يقول الراوي: «دخلت على أبي عبداللّه‌ أحمد بن حنبل حين أظهر التربيع بعليّ، فقلت: يا أبا عبد اللّه‌، إنّ هذه اللفظة توجب الطعن على طلحة والزبير...» (شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ٨: ١٤٧٥ ح٢٦٧٠).

اسم الکتاب : ثم اهتديت (تحقيق وتعليق مركز الأبحاث العقائدية) المؤلف : التيجاني السماوي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست