و من عجيب أمرهم: غلوّهم
في تفخيم [أمر] الصحابة، و إفراطهم في تعظيمهم، و قولهم: لا يدخل الجنّة مستنقص
لأحد منهم، و ليس بمسلم من روى قبيحا عنهم، و يقولون: إنّا لا نعرف لأحد منهم بعد
إسلامه عيبا، و ليس منهم من واقع ذنبا، و يجعلون من خالفهم في هذا زنديقا، و من
ناظرهم فيه أو طلب الحجّة منهم عليه مبتدعا شرّيرا.
هذا و لهم في الرسل
المصطفين و الأنبياء المفضّلين، الذين احتجّ اللّه تعالى بهم على العالمين صلوات
اللّه عليهم أجمعين أقوال تقشعرّ منها الجلود، و ترتعد لها [الأبدان، و تنفطر]
القلوب [لها]، و لا تثبت عند سماعها النفوس، يتديّنون بذكرها، و يتحمّلون بنشرها[2]، و يغتاظون
على من أنكرها و دحضها، كغيظهم على من أضاف إلى أحد الصحابة بعضها، فينسبون آدم و
حوّاء إلى الشرك، و إبراهيم الخليل إلى الإفك و الشكّ، و يوسف إلى ارتكاب المحظور،
و الجلوس