اسم الکتاب : التعجب من أغلاط العامة في مسألة الإمامة المؤلف : الكراجكي، أبو الفتح الجزء : 1 صفحة : 34
ثمّ ادّعوا مع ذلك أنّه صلّى اللّه عليه و آله مضى [من
الدنيا] و لم يوص إلى أحد. [هذا] و قد كان يرعى امّته[1] و يسوسهم، و يقوم بشأنهم، و يدبّر
امورهم، كما يسوس الرجل أطفاله، و يرعى أهله و عياله، و منهم الضعفاء و الأيتام، و
العجائز و الأطفال، الذين حاجتهم إلى سياسته، و حسن نظره و رعايته، أشدّ من حاجة
الولد إلى والده، و العبد إلى سيّده.
ثمّ إنّه صلّى اللّه
عليه و آله خلّف مع ذلك أهلا و أولادا، و أقارب و أزواجا، و أشياء يتنازع أهله و
غيرهم [فيها] و أملاكا، و كان له حقّ في الخمس يحبّ أن يصرف إلى مستحقّيه[2] [و غيرهم]،
و كان عليه دين يتعيّن وفاءه عنه لأهله[3]،
و عنده ودائع يلزم ردّها إلى أربابها، و قد وعد جماعة بعدات يجب أن تقضى عنه بعده[4]، و لا يقضيها
إلّا وصيّه، فنسبوه إلى تضييع ما حثّ على حفظه، و التفريط فيما أمر بالاحتياط في
بابه، و الزهد فيما رغّب فيه امّته، و حاشا له من ذلك، بل كان صلّى اللّه عليه و
آله أفعل الخلق فيما[5] دعا إليه، و
أسرع الناس إلى فعل ما رغّب فيه، و أسبق العالمين إلى كلّ فضل، و أولادهم بشرائف
الفعل.
و من عجيب أمرهم: أنّهم
إذا طرقتهم الحجج الجليّة في أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يمض من
الدنيا إلّا عن وصيّة، و أنّه أوصى [إلى] أمير المؤمنين [عليّ بن أبي طالب] عليه
السّلام دون سائر الامّة، و سمعوا تمدّح أمير المؤمنين عليه السّلام بذلك في كلامه
و حجاجه لخصومه، و ذكره [له] في خطبه على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،
و احتجاج