والّذي ينقض دعوىٰ الدليمي بهذا
النصّ نفسه أيضاً ، أنّ الشورىٰ المزعوم حصولها في سقيفة بني ساعدة لم
يتمخّض عنها اختيار مَن هو أقوىٰ الناس علىٰ هذا الأمر ، وأعلمهم بأمر الله
فيه ، بل الّذي حصل
هو العكس من ذلك [٢]
..
فها هو أبو بكر يقف معترفاً بعجزه عن
هذا الأمر ويقول : أقيلوني فلست بخيركم [٣].
[٢] الواقع لم تكن
هناك شورىٰ في السقيفة بالمعنىٰ المتعارف عليه ، بل جرىٰ
استئثار المهاجرين علىٰ الأنصار بحقّ التصويت بالخلافة بعد سباب وشتم وتهديد بالقتل
..
قال عمر : مَن ينازعنا سلطان محمّد
وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلاّ مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورّط في هلكة.
ولمّا تكلّم الحبّاب بن
المنذر أغلظ له عمر القول وأجابه : « إذاً يقتلك الله ». كما قال ـ أي عمر ـ
في الواقعة ذاتها محرّضاً علىٰ قتل سعد بن عبادة لمّا نازعهم
: « اقتلوه قتله الله ».
فانظر عزيزي القارئ كيفية
الخطاب بين الأصحاب من أجل اختيار الخليفة ، وكذلك كيفية القدح بالآخرين وتهديدهم بالقتل من أجل منعهم عن حقّ التصويت بالخلافة.
راجع : تاريخ الطبري ٢ / ٤٥٩
، تاريخ ابن خلدون ق ٢ ج ٢ ص ٦٤ ، صحيح البخاري ٤ / ١٩٤ باب : مناقب المهاجرين وفضلهم.
وأقول : إن كان القوم يرون
أنّ هذه الواقعة ، بما جرىٰ فيها من سباب وشتم وتهديد بالقتل بين الجيل
الأوّل من الصحابة ، هي أعظم المصاديق وأفضلها لتطبيق حكم الشورىٰ الّذي
ينادون به في الإسلام ، فالسلام إذاً علىٰ الإسلام
وأهله !
[٣] المعجم الأوسط ٨
/ ٢٦٧ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ١٦٩ ، تفسير القرطبي ١ /
٢٧٢ ، ٢ / ٧٢ ، السير الكبير ـ للشيباني ـ ١ / ٣٦ ، الإمامة والسياسة ١ /
٣١ ، وقريب منه في المصنّف ـ للصنعاني ـ ١١ / ٣٣٦.
اسم الکتاب : تصحيح القراءة في نهج البلاغة المؤلف : البغدادي، الشيخ خالد الجزء : 1 صفحة : 150