ولا يوجد في النصّ المتقدم ، الّذي ذكره
الدليمي ، أية عبارة يستفاد منها تقييماً حقيقياً لما يهدف إليه ; فقوله عليهالسلام
: إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولون : هذا أصل العرب ... فهو عليهالسلام
إنّما كان يُخبر عن لسان حال العدو ، ويشخّص في الحقيقة مسألة يدرسها
الباحثون اليوم في علم النفس العسكري ، وهي : إنّ من أبرز عوامل انكسار
الجيوش في الحروب : قتل زعمائهم أثناء المعارك ; لذا كان الإمام عليهالسلام
ـ وهو من خبر الحروب وأجوائها ـ ناصحاً أميناً من هذه الناحية ، حفاظاً علىٰ المسلمين من أن يجد فيهم أعداؤهم ثغرة فينفذوا منها.
ولعلّ
قائل يقول : فلِمَ كان الإمام عليهالسلام يتقدّم جنوده في
المعارك ، كما شهدنا ذلك في الجمل والنهروان وصفين ؟!
قلت
: إنّ الإمام عليهالسلام
لا يقاس بغيره من هذه الناحية ; لأمرين :
*
الأوّل :
لشجاعته الفريدة والنادرة المشهود له بها ، والّتي وصفها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
بقوله : « كرّار غير فرّار » ، كما تقدّم ذكره [٢].
*
الثاني
: لعلمه عليهالسلام
بموعد مقتله وكيفيته ، بل وعلمه بقاتله أيضاً ; وذلك لما أخبره به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
..
روىٰ أحمد في مسنده
: عن فضالة بن أبي فضالة ، أنّه قال : خرجت
[١] من تلك المواقف
المحرجة : ما توجّه به اليهود وأحبارهم إلىٰ أبي بكر وعمر من أسئلة أبان خلافتهما عجزا عن الإجابة عنها ، فتصدّىٰ لها أمير المؤمنين عليهالسلام وردّ كيد اليهود إلىٰ نحورهم ; انظر : الغدير ٦ / ١٣٥ و ٧ / ١٧٧.
[٢] راجع : صفحة ٦٣ ؛وانظر
: مصادر الحديث في هامش الصفحة.
اسم الکتاب : تصحيح القراءة في نهج البلاغة المؤلف : البغدادي، الشيخ خالد الجزء : 1 صفحة : 103