responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : براءة آدم حقيقة قرآنيّة المؤلف : العاملي، جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 147
وقد كان تمنيه وسعيه هذا، يشبه الحسد، من حيث إن هذا المقام منحصر بتلك الموجودات، فتمني الكون معهم معناه أن لا يكون ذلك الموقع منحصراً بهم، لأن الحسد القبيح هو تمني زوال النعمة عن الشخص حتى لو لم تصل تلك النعمة إلى المتمني..

ولكن هناك مرتبة من الحسد ليست قبيحة، وهي ما لو تمنى أمراً لنفسه، ولم يتمنَّ زواله عن أحد، لكن قد يلزم من تمنيه هذا زوال صفة التفرد والإنحصار بالغير، وهذا كما لو كان إنسان في قرية، يحمل شهادة الدكتوراه، فهذا امتياز له وليس لأحد سواه، فإذا تمنى أحد أن يصبح مثله، فإن ذلك يزيل صفة التفرد عنه، وهي صفة لها قيمتها بنظر الناس، وإن لم يلتفت هو إلى ذلك، فأصبح هذا التمني بمثابة الحسد من جهة، وهو غبطة من جهة أخرى..

والنبي آدم عليه السلام كان يريد مقامات الزلفى عند الله، ولذلك طلب صفة الملائكية، والتخلص من الشهوات والغرائز، وطلب الخلود في طاعة الله، وطلب الملك الذي ييسر له مختلف أنواع القربات، لقد طلب الصفاء، والخلوص, بأقصى الدرجات، وأفضل الحالات، وآثر أن يتحمل أعظم المصائب، من أجل التخلص من الدنيا، ومن أجل الوصول إلى أشرف الغايات وأسماها، وأعزها وأغلاها..

الحسد المنهي عنه:

وقد نهى الله النبي آدم عن الحسد، ولكن لا شك في أن هذا النهي منصرف إلى المراتب القبيحة منه، وهي تمني زوال النعمة عن الآخرين، ولم يخطر في باله إلا أن التمني لمقام تلك الأنوار هو أمر سائغ، بل واجب، لأنه يعبر عن حبه لله تعالى، وسعيه في رضاه، ولم يتمن زوال صفة الأوحدية

اسم الکتاب : براءة آدم حقيقة قرآنيّة المؤلف : العاملي، جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست