وهذه القوى النازلة تكون منصاعة إلى قوة العقل العملي بحسب الفطرة الإلهية الأصلية وهو يمارس هيمنته وتوجيهه لها.
2 ـ ذكرنا في التنبيه الأول ما يميز العقل العملي عن النظري، فالادراك لأي قضية يمر عبر افعال ثلاث احدها الفحص والبحث في الفكر، الثاني ادراك النتيجة المتولدة من المقدمات، الثالث الاذعان بتلك النتيجة والتسليم بها
وقد اشار صدر المتألهين في رسالته في التصوير والتصديق وتبعه جل المتأخرين ان النتيجة والحكم في القضية لا يعتبر جزءاً للقضية. فالتصور وهو الصورة الحاصلة لدى الذهن تارة تكون مؤدية ومؤثرة في حصول الحكم فتكون تصديقا وتارة لا تكون مؤثرة فتسمى تصورا. وهاتان المقدمتان هي من ادراك العقل النظري فهو يدرك النتيجة المتولدة من المقدمات، لكن هذا غير الاذعان والحكم الذي هو من افعال العقل العملي ويفسر العلامة الطباطبائي الحكم بأنه[1]قيام النفس بدمج صورة الموضوع مع صورة المحمول في صورة واحدة
وقد تقدم منا الإشارة إلى ان المراد من وجوب المعرفة هو الفعل الثالث ومن هنا قلنا بامكانية كونه واجباً شرعياً.
3 ـ كثير من المفكرين يتوهمون بان العلاقة والارتباط بين المقدمات (الصغرى والكبرى) والنتيجة والعلاقة بين النتيجة والحكم والاذعان، هي علاقة العلية والمعلولية بمعنى استحالة تخلف النتيجة عن مقدماتها واستحالة تخلف الاذعان عن النتيجة. لكن الحق ان الفلاسفة اثبتوا خلاف ذلك. فقد ذكر السبزواري في منظومته في بحث القياس ان الرابطة ليست هي رابطة العلة والمعلول بل المقدمات