اسم الکتاب : أساس نظام الحكم في الاِسلام بين الواقع والتشريع رؤية في التراث الفكري المؤلف : صائب عبد الحميد الجزء : 2 صفحة : 279
الدكتور محمّـد عمارة أدرك هذا التحريف، لكنّه لا يريد أن يفرّط بذاك
النصّ المحرَّف، لاَنّه كان عمدته في ما أراد، فلفّق بين النصّين باعتماد الاَصل
المحرَّف أساساً للعهد، فقال: كتب الحسن في العهد: «ليس لمعاوية أن يعهد
لاَحد من بعده ـ أي من بعد الحسن ـ وأن يكون الاَمر شورى»[254].
فأدخل عبارة (أي من بعد الحسن) لكي لا يقع في لائمة ترك النصّ
الصحيح.. وارتضى هذا النوع من تدليس الاَخبار على ما فيه من بُعد ونكارة
لا ترتضيها لغة العرب!
والاَكثر غرابةً أن نرى هذا النصّ المحرّف «ليس لمعاوية أن يعهد لاَحد
من بعده، بل يكون الاَمر بعده شورى» يتسرّب إلى مصادر شيعية معاصرة!
لقد تناقله كتّاب جيّدون لهم منازل مرموقة في البحث والمعرفة، لكنّي
لا أشكّ في أنّهم نقلوه غفلةً، عن حسن قصد وحسن ظنّ حين رأوا كثرة من
تناوله من كتّاب معاصرين خاصّة، ومن هؤلاء السادة: الشيخ محمّـد جواد
مغنيّة، والدكتور حسن عبّاس حسن، ولجنة التأليف في مؤسّـسة البلاغ[255].
كما وردت عند بعضهم زيادة أُخرى على النصّ لم نعثر لها على مصدر
أسبق من النسّابة ابن عنبة الحسني (828 هـ) جعل الشرط فيه: أنّ للحسن
ولاية الاَمر بعد معاوية، فإن حدث به حدث فللحسـين[256].
وهذا ليس ممّا يُسـتنكر، لكنّه صحّ أو لم يصحّ ليس فيه مزيد أثر على
ما نحن فيـه.