اسم الکتاب : أساس نظام الحكم في الاِسلام بين الواقع والتشريع رؤية في التراث الفكري المؤلف : صائب عبد الحميد الجزء : 2 صفحة : 235
«إنّي تارك فيكم ما إنْ تمسّـكتم به لن تضلّوا بعدي: كتاب الله حبل
ممدود من السماء إلى الاَرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا علَيَّ
الحوض.. فانظروا كيف تخلفوني فيهما»[109].
«إنّي تارك فيكم خليفتين: كتاب الله، وأهل بيتي...»[110].
تلك خلاصة رسالة السماء... ومفتاح المسار الصحيح الذي أراده النبيّ
لشـريعته.
وهذا كلام لا يختلف في فهمه عامّـيٌّ وبليغ.. فمن أين يأتيه
التـأويل؟!
إنّه لو قُـدِّر أن تتحقّق الخلافة لعليٍ أوّلاً، لَما ارتاب أحد في هذا النصّ
الصريح الصحيح.. لكنّ اختلاف المسار الجديد عنه، وتقديس الرجال، هما
وراء كلّ ما نراه من ارتياب وتجاهل لنصّ لا شيء أدلّ منه على تعيين أئمّة
المسلمين، خلفاء الرسول!!
إنّ أغرب ما جاء في «تعطيل» هذا النصّ قولٌ متهافتٌ ابتدعه ابن تيميّة
حين رأى أنّه ليس فيه إلاّ الوصيّة باتّباع الكتاب، وهو لم يأمر باتّباع العترة،
ولكن قال: أُذكّركم الله في أهل بيتي»![111].
فقط وفقط، ولا كلمة واحدة!!
ولهذا القول المتهافت مقلِّدون، والمقلِّد لا يقدح في ذهنه ما يقدح في
أذهان البسطاء حتّى ليعيد على شيخه السؤال: أين الثقل الثاني إذن؟!
أين الخليفة الثاني إذن؟! مَن هذان اللذان لن يفترقا حتّى يردا الحوضَ معاً؟!
وليست هذه الاَسئلة من شأن المقلِّد، كما لم تكن من شأن المتأوِّل،