responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية - ط دار المعرفة المؤلف : ابن هشام الحميري    الجزء : 1  صفحة : 576
(مَا نَزَلَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ فِيهِمْ) :
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَاخْتِلَافِ أَمْرِهِمْ كُلِّهِ، صَدْرَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إلَى بِضْعٍ وَثَمَانِينَ آيَةً مِنْهَا، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ: الم اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ 3: 1- 2. فَافْتَتَحَ السُّورَةَ بِتَنْزِيهِ نَفْسِهِ عَمَّا قَالُوا، وَتَوْحِيدِهِ إيَّاهَا بِالْخَلْقِ وَالْأَمْرِ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِيهِ، رَدًّا عَلَيْهِمْ مَا ابْتَدَعُوا مِنْ الْكُفْرِ، وَجَعَلُوا مَعَهُ مِنْ الْأَنْدَادِ، وَاحْتِجَاجًا بِقَوْلِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي صَاحِبِهِمْ، لِيُعَرِّفَهُمْ بِذَلِكَ ضَلَالَتَهُمْ، فَقَالَ:
الم اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ 3: 1- 2 لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكٌ فِي أَمْرِهِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ 2: 255 الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَقَدْ مَاتَ عِيسَى وَصُلِبَ فِي قَوْلِهِمْ. وَالْقَيُّومُ: الْقَائِمُ عَلَى مَكَانِهِ مِنْ سُلْطَانِهِ فِي خَلْقِهِ لَا يَزُولُ، وَقَدْ زَالَ عِيسَى فِي قَوْلِهِمْ عَنْ مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ. نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ 3: 3، أَيْ بِالصَّدْقِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ 3: 3: التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى، وَالْإِنْجِيلُ عَلَى عِيسَى، كَمَا أَنْزَلَ الْكُتُبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ 3: 4، أَيْ الْفَصْلَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْأَحْزَابُ مِنْ أَمْرِ عِيسَى وَغَيْرِهِ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ، لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ، وَالله عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ 3: 4، أَيْ أَنَّ اللَّهَ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ كَفَرَ بِآيَاتِهِ، بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا، وَمَعْرِفَتِهِ بِمَا جَاءَ مِنْهُ فِيهَا. إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ 3: 5، أَيْ قَدْ عَلِمَ مَا يُرِيدُونَ وَمَا يَكِيدُونَ وَمَا يُضَاهُونَ بِقَوْلِهِمْ فِي عِيسَى، إذْ جَعَلُوهُ إلَهًا وَرَبًّا، وَعِنْدَهُمْ مِنْ عِلْمِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، غِرَّةً باللَّه، وَكُفْرًا بِهِ. هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ 3: 6، أَيْ قَدْ كَانَ عِيسَى مِمَّنْ صُوِّرَ فِي الْأَرْحَامِ، لَا يَدْفَعُونَ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَهُ، كَمَا صُوِّرَ غَيْرُهُ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، فَكَيْفَ يَكُونُ إلَهًا وَقَدْ كَانَ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى إنْزَاهًا لِنَفْسِهِ، وَتَوْحِيدًا لَهَا مِمَّا جَعَلُوا مَعَهُ: لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 3: 6، الْعَزِيزُ فِي انْتِصَارِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ إذَا شَاءَ الْحَكِيمُ فِي حُجَّتِهِ وَعُذْرِهِ إلَى عِبَادِهِ. هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ 3: 7 فِيهِنَّ حُجَّةُ الرَّبِّ، وَعِصْمَةُ الْعِبَادِ، وَدَفْعُ الْخُصُومِ وَالْبَاطِلِ، لَيْسَ لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَلَا تَحْرِيفٌ عَمَّا وُضِعْنَ عَلَيْهِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ 3: 7 لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَتَأْوِيلٌ، ابْتَلَى اللَّهُ
اسم الکتاب : السيرة النبوية - ط دار المعرفة المؤلف : ابن هشام الحميري    الجزء : 1  صفحة : 576
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست