اسم الکتاب : دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة المؤلف : أبو بكر البيهقي الجزء : 0 صفحة : 66
(1) فبعث إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فقال له: يا ابن أخي، إن قومك قد جاءوني، فقالوا لي كذا و كذا، للذي كانوا قالوا له، فأبق عليّ، و على نفسك، و لا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق.
فظن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، أنه قد بدا لعمّه فيه فدو، و أنه خاذله و مسلمه، و أنه قد ضعف عن نصرته و القيام معه. قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «يا عم، و اللّه، لو وضعوا الشمس في يميني، و القمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر- حتى يظهره اللّه أو أهلك فيه- ما تركته».
قال: ثم استعبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فبكى، ثم قام. فلما ولّى، ناداه أبو طالب، فقال: أقبل يا ابن أخي، قال: فأقبل عليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم). فقال:
اذهب يا ابن أخي، فقل ما أحببت، فو اللّه، لا أسلمك لشيء أبدا.
الرسول (صلّى اللّه عليه و سلّم) في الطائف:
لما توفي أبو طالب، اجترأت قريش على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و نالت منه.
فخرج إلى الطائف و معه زيد بن حارثة، و ذلك في ليال بقية من شوال سنة عشر من حين نبئ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فأقام بالطائف عشرة أيام لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه و كلمه. و محمد دعاهم إلى الإسلام أخوة ثلاثة، و هم سادة ثقيف و أشرافهم، و هم عبد يا ليل، و مسعود و حبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف.
فجلس إليهم فدعاهم إلى اللّه، و كلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام و القيام معه على من خالفه من قومه، فقال أحدهم: هو- يعني نفسه- بمرط ثياب الكعبة ان كان اللّه أرسلك، و قال الآخر: أما وجد اللّه أحدا أرسله غيرك؟
و قال الثالث: و اللّه، لا أكلمك أبدا ... لئن كنت رسولا من اللّه- كما تقول- لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام. و لئن كنت تكذب على اللّه، ما ينبغي لي أن أكلمك.
اسم الکتاب : دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة المؤلف : أبو بكر البيهقي الجزء : 0 صفحة : 66