اسم الکتاب : دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة المؤلف : أبو بكر البيهقي الجزء : 0 صفحة : 26
(1) «اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل: الذي يزعم أنه نبي، يأتيه الخبر من السماء، فاسمع من قوله، ثم ائتني.
فانطلق «أنيس» إلى مكة و سمع من كلام الرسول (صلّى اللّه عليه و سلّم)، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: «رأيته يأمر بمكارم الأخلاق». فقال له أبو ذر: ما يقول الناس له؟ قال: يقولون: إنه شاعر، و ساحر- و كان أنيس شاعرا- و تابع أنيس حديثه قال:
لقد سمعت الكهان فما يقول بقولهم، و قد وضعت قوله على أنواع الشعر، فو اللّه ما يلتئم لسان أحد أنه شعر، و و اللّه إنه لصادق، و إنهم لكاذبون ...
فقال أبو ذر لأخيه: هل أنت كافيّ حتى أنطلق؟ قال: نعم، و كن من أهل مكة على حذر، فإنّهم قد شنعوا له، و تجمعوا له.
فتزود و حمل شنة له فيها ماء، حتى قدم مكة، فأتى المسجد، فالتمس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و هو لا يعرفه، و اتبع نصيحة أخيه في أن لا يسأل عنه، و أن يحذر أهل مكة، حتى أدركه بعض الليل، فاضطجع لينام، فرآه سيدنا علي فعرف أنّه غريب، فدعاه إلى المبيت عنده، فتبعه و لم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته و زاده إلى المسجد، و ظل ذلك اليوم، فلم ير النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم)، حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه،
فمر به علي فقال: أما آن للرجل أن يعرف منزله؟ و سار به إلى المنزل: لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، و مرّ اليوم الثالث على هذه الكيفية.
فلما كان في البيت، سأله علي رضي اللّه عنه قائلا:
ألا تحدثني بالذي أقدمك؟
قال: إن أعطيتني عهدا و ميثاقا ليرشدنّني، ففعلت ... ففعل، فأخبره.
اسم الکتاب : دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة المؤلف : أبو بكر البيهقي الجزء : 0 صفحة : 26