responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الشيخ حسين ديار البكري    الجزء : 1  صفحة : 44

الفعل تحية له لا عبادة له لانه لا عبادة الا للّه تعالى و قال قتادة كان خدمة للّه تعالى حرمة لآدم كصلاة الجنازة عبادة للّه تعالى دعاء للميت و قيل معناه اسجدوا لاجل آدم أى شكرا لما خلق من خلق جديد و أصح ذلك كله أنه كان تحية لآدم على الخصوص و لو كان عبادة للّه تعالى و آدم قبلة فى ذلك لما استكبر ابليس و انما كان تحية له و تعظيما له خاصة فلم ير له ابليس ذلك الاستحقاق فامتنع عنه و اختلف أيضا فى أن الامر كان خطابا من اللّه للملائكة من غير واسطة أو كان بواسطة رسول من اللّه إليهم* و اختلف فى أن هذا النوع من السجود الذي هو تحية و تعظيم لآدم هل كان مباحا لغير آدم بحال قيل ما كان مباحا لغيره كما لم يجب لغيره و قيل كان مباحا لغير آدم الى زمن يعقوب قال تعالى و خرّوا له سجدا و كان آخر من فعل له ذلك ثم نسخ و قيل بل بقى الى زمن النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) حتى سجدت له الشجرة و الجمل و قال له أصحابه نحن أحق بالسجود لك من هذه الاشياء فنهاهم عن ذلك و قال لا ينبغى لمخلوق أن يسجد الا للّه تعالى و لو أمرت أحدا أن يسجد لاحد لامرت الزوجة أن تسجد لزوجها* و اختلف أيضا فى معنى الامر بذلك و الحكمة فيه قيل هو لبيان فضيلة العلم و استحقاق العالم خدمة غيره له و قيل هو لبيان ضرر الطعن فى الغير و قيل هو لبيان استغنائه عن عبادتهم اياه و انكاره عليهم قولهم و نحن نسبح بحمدك و نقدّس لك فقال لهم لا حاجة لى الى عبادتكم فاخدموا عبدا من عبادى لم يعمل كثير عمل* قال وهب ابن منبه أوّل من سجد لآدم جبريل فأكرمه اللّه بانزال الوحى على النبيين خصوصا على سيد المرسلين ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم عزرائيل ثم سائر الملائكة و قيل أوّل من سجد لآدم اسرافيل فرفع رأسه و قد ظهر القرآن كله مكتوبا على جبهته كرامة له على سبقته على الائتمار* و أما موضع السجود فقد قيل كان فى الارض و قيل كان فى السماء و أما الوقت فقد قيل كما نفخ فيه الروح سجدوا له لقوله تعالى فاذا سوّيته و نفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين و الفاء للتعقيب و قيل بل كان بعد انباء آدم للملائكة بالاسماء و اظهار فضله عليهم و ايجاب خدمتهم له بسبب العلم و ظاهر نظم الآية فى سورة البقرة يدل عليه* و فى تفسير شفاء الصدور لابي بكر النقاش عن بعضهم أنه قال كان سجود الملائكة لآدم مرّتين مرّة كما خلق بدليل قوله فقعوا له ساجدين و مرّة بعد ظهور فضله عليهم بعد العلم بالاسماء بدليل ما فى سورة البقرة و هذا قول تفرّد به هذا القائل و لم يوافقه أحد من المفسرين و قالوا لم يكن ذلك إلا مرّة واحدة و الاظهر هو السجود بعد الانباء بالاسماء فأما الفاء فقد تكون للتعقيب مع التراخى كما فى قوله تعالى فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما كان ذلك بعد مدّة و كذا قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه كان بعد مائتى سنة و أما مدّة السجود فقد قيل سجدوا فمكثوا فى سجودهم خمسمائة عام و السجود يتأدّى منا بالوضع و ان قلّ و هذا التخفيف لاحد أمرين اما لضعفنا و اما لعزنا قال اللّه تعالى خلق الانسان ضعيفا و قال و للّه العزة و لرسوله و للمؤمنين فكأنه قال أنت ضعيف فلا أكلفك فوق طاقتك و أنت عزيز فلا أرضى مشقتك فلما رفعوا رءوسهم من السجود بعد خمسمائة سنة رأوا آدم أدخل الجنة فتعجبوا فسجدوا مرّة أخرى و هذه السجدة كانت للّه فمكثوا فى سجودهم خمسمائة سنة أيضا فلما رفعوا رءوسهم و رأوا آدم قد أهبط الى الارض و توفى و دفن فى لحده قالوا الهنا و سيدنا مات آدم مع عزه و كرامته فأجيبوا كل نفس ذائقة الموت و من ذلك الوقت الى يومنا هذا قريب من سبعة آلاف سنة لم يرقأ لهم دمع* و فى ليلة المعراج وجد النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) أهل السموات فى البكاء*

قصة اباء ابليس‌

و أما قصة اباء ابليس فلما أمر اللّه الملائكة بالسجود و سجدوا امتنع ابليس فلم يتوجه الى آدم بل أعرض عنه و ولاه ظهره و انتصب هكذا الى أن سجدوا و وقفوا فى سجودهم مائة سنة و فى رواية خمسمائة سنة و رفعوا رءوسهم و هو قائم معرض لم يندم‌

اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الشيخ حسين ديار البكري    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست