responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 81

الهجرة الأولى إلى الحبشة

كانت بداية الاضطهادات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة، بدأت ضعيفة، ثم لم تزل يوما فيوما و شهرا فشهرا حتى اشتدت و تفاقمت في أواسط السنة الخامسة، حتى نبا بهم المقام في مكة، و أوعزتهم أن يفكروا في حيلة تنجيهم من هذا العذاب الأليم، و في هذه الساعة الضنكة الحالكة نزلت سورة الكهف، ردودا على أسئلة أدلى بها المشركون إلى النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، و لكنها اشتملت على ثلاث قصص، فيها إشارات بليغة من اللّه تعالى إلى عباده المؤمنين، فقصة أصحاب الكهف ترشد إلى الهجرة من مراكز الكفر و العدوان حين مخافة الفتنة على الدين، متوكلا على اللّه‌ وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً [الكهف: 16].

و قصة الخضر و موسى تفيد أن الظروف لا تجري و لا تنتج حسب الظاهر دائما، بل ربما يكون الأمر على عكس كامل بالنسبة إلى الظاهر. ففيها إشارة لطيفة إلى أن الحرب القائمة ضد المسلمين ستنعكس تماما، و سيصادر هؤلاء الطغاة المشركون- إن لم يؤمنوا- أمام هؤلاء الضعفاء المدحورين من المسلمين.

و قصة ذي القرنين تفيد أن الأرض للّه يورثها من عباده من يشاء. و أن الفلاح إنما هو في سبيل الإيمان دون الكفر، و أن اللّه لا يزال يبعث من عباده- بين آونة و أخرى- من يقوم بإنجاء الضعفاء من يأجوج ذلك الزمان و مأجوجه، و أن الأحق بإرث الأرض إنما هم عباد اللّه الصالحون. ثم نزلت سورة الزمر تشير إلى الهجرة، و تعلن بأن أرض اللّه ليست بضيقة لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ، وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ، إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ‌ [الزمر: 10] و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قد علم أن أصحمة النجاشي ملك الحبشة ملك عادل، لا يظلم عنده أحد، فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فرارا بدينهم من الفتن.

و في رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة. كان مكونا من اثني عشر رجلا و أربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان، و معه السيدة رقية بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و قد قال النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) فيهما: «إنهما أول بيت هاجر في سبيل اللّه بعد إبراهيم و لوط (عليهما السلام)» [1].


[1] مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد اللّه النجدي ص 92، 93، زاد المعاد 1/ 24، رحمة للعالمين 1/ 61.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست