responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 383

بيد أن أبا سفيان بن الحارث كان آخذا بلجام بغلته، و العباس بركابه، يكفانها، أن لا تسرع. ثم نزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فاستنصر ربه قائلا: اللهم أنزل نصرك.

رجوع المسلمين و احتدام المعركة

و أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) عمه العباس- و كان جهير الصوت- أن ينادي الصحابة قال العباس: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فو اللّه لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك‌ [1]. و يذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر عليه، فيأخذ درعه، فيقذفها في عنقه، و يأخذ سيفه و ترسه، و يقتحم عن بعيره، و يخلي سبيله، فيؤم الصوت، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس و اقتتلوا.

و صرفت الدعوة إلى الأنصار، يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج، و تلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخرى كما كانوا تركوا الموقعة. و تجالد الفريقان مجالدة شديدة، و نظر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى ساحة القتال، و قد استحر و احتدم، فقال: «الآن حمي الوطيس». ثم أخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قبضة من تراب الأرض، فرمى بها في وجوه القوم و قال: شاهت الوجوه، فما خلق اللّه إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا من تلك القبضة، فلم يزل حدهم كليلا و أمرهم مدبرا.

انكسار حدة العدو، و هزيمته الساحقة

و ما هي إلا ساعات قلائل- بعد رمي القبضة- حتى انهزم العدو هزيمة منكرة، و قتل من ثقيف وحدهم نحو السبعين، و حاز المسلمون ما كان مع العدو من مال و سلاح و ظعن.

و هذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه و تعالى في قوله: وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ، ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‌ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها، وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ‌ [التوبة: 25، 26].

حركة المطاردة

و لما انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف، و طائفة إلى نخلة، و طائفة إلى أوطاس، فأرسل النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى أوطاس طائفة من المطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري،


[1] صحيح مسلم 2/ 100.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست