أخطب والد صفية أم المؤمنين رضي اللّه عنها، كان قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش و غطفان؛ وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه حينما جاء يثيره على الغدر و الخيانة أيام غزوة الأحزاب، فلما أتي به- و عليه حلة قد شقها من كل ناحية بقدر أنملة لئلا يسلبها- مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قال لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): أما و اللّه ما لمت نفسي في معاداتك، و لكن من يغالب اللّه يغلب. ثم قال: أيها الناس، لا بأس بأمر اللّه، كتاب و قدر و ملحمة كتبها اللّه على بني إسرائيل، ثم جلس فضربت عنقه.
و قتل من نسائهم امرأة واحدة، كانت قد طرحت الرحا على خلاد بن سويد فقتلته، فقتلت لأجل ذلك.
و كان قد أمر رسول اللّه بقتل من أنبت، و ترك من لم ينبت، فكان ممن لم ينبت عطية القرظي، فترك حيا، فأسلم، و له صحبة.
و استوهب ثابت بن قيس الزبير بن باطا و أهله و ماله- و كانت للزبير يد عند ثابت- فوهبهم له ثابت بن قيس و قال: قد وهبك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إليّ، و وهب لي مالك و أهلك فهم لك. فقال الزبير بعد أن علم بمقتل قومه: سألتك بيدي عندك يا ثابت إلا ألحقتني بالأحبة، فضرب عنقه، و ألحقه بالأحبة من اليهود، و استحيا ثابت من ولد الزبير بن باطا عبد الرحمن بن الزبير، فأسلم، و له صحبة. و استوهبت أم المنذر سلمى بنت قيس النجارية رفاعة بن سموأل القرظي، فوهبه لها، فاستحيته، فأسلم، و له صحبة.
و أسلم منهم تلك الليلة نفر من قبل النزول، فحقنوا دماءهم و أموالهم و ذراريهم.
و خرج تلك الليلة عمرو- و كان رجلا لم يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)- فرآه محمد بن سلمة قائد الحرس النبوي، فخلى سبيله حين عرفه، فلم يعلم أين ذهب.
و قسم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أموال بني قريظة بعد أن أخرج منها الخمس، فأسهم للفارس ثلاثة أسهم، سهمان للفرس و سهم للفارس، و أسهم للراجل سهما واحدا، و بعث من السبايا إلى نجد تحت إشراف سعد بن زيد الأنصاري. فابتاع بها خيلا و سلاحا.
و اصطفى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة، فكانت عنده حتى توفي عنها و هي في ملكه، هذا ما قاله ابن إسحاق [1] و قال الكلبي: إنه (صلّى اللّه عليه و سلم) أعتقها، و تزوجها سنة 6 ه، و ماتت مرجعه من حجة الوداع فدفنها بالبقيع [2].