responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 254

كانوا قد ركبوا الخيل و ساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، و الذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها، ثم لأناجزنهم. قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ما ذا يصنعون، فجنبوا الخيل و امتطوا الإبل، و وجهوا إلى مكة [1].

تفقد القتلى و الجرحى‌

و فرغ الناس لتفقد القتلى و الجرحى بعد منصرف قريش. قال زيد بن ثابت: بعثني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يوم أحد أطلب سعد بن الربيع، فقال لي: إن رأيته فأقرئه مني السلام، و قل له: يقول لك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): كيف تجدك؟ قال: فجعلت أطوف بين القتلى، فأتيته و هو بآخر رمق، و فيه سبعون ضربة: ما بين طعنة برمح، و ضربة بسيف، و رمية بسهم، فقلت:

يا سعد، إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يقرأ عليك السلام، و يقول لك: أخبرني كيف تجدك؟ فقال:

و على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) السلام، قل له: يا رسول اللّه أجد ريح الجنة، و قل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند اللّه إن خلص إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و فيكم عين تطرف، و فاضت نفسه من وقته‌ [2].

و وجدوا في الجرحى الأصيرم- عمرو بن ثابت- و به رمق يسير، و كانوا من قبل يعرضون عليه الإسلام فيأباه، فقالوا: إن هذا الأصيرم ما جاء به؟ لقد تركناه و إنه لمنكر لهذا الأمر، ثم سألوه: ما الذي جاء بك؟ أحدب على قومك، أم رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت باللّه و رسوله، ثم قاتلت مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، فقال: هو من أهل الجنة. قال أبو هريرة: و لم يصل للّه صلاة قط [3].

و وجدوا في الجرحى قزمان- و كان قد قاتل قتال الأبطال، قتل وحده سبعة أو ثمانية من المشركين- وجدوه قد أثبتته الجراحة، فاحتملوه إلى دار بني ظفر، و بشره المسلمون فقال: و اللّه إن قاتلت إلا عن أحساب قومي، و لو لا ذلك ما قاتلت. فلما اشتد به الجراح نحر نفسه. و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يقول: إذا ذكر له، إنه من أهل النار [4]- و هذا هو مصير المقاتلين في سبيل الوطنية أو في أي سبيل سوى إعلاء كلمة اللّه، و إن قاتلوا تحت لواء الإسلام، بل و في جيش الرسول و الصحابة.


[1] ابن هشام 2/ 94، و في فتح الباري أن الذي خرج في آثار المشركين هو سعد بن أبي وقاص (7/ 347).

[2] زاد المعاد 2/ 96.

[3] نفس المصدر 2/ 94، و ابن هشام 2/ 90.

[4] نفس المصدر الأول 2/ 97، 98، و ابن هشام 2/ 88.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست