3- كان عبد الرحمن بن عوف و أمية بن خلف صديقين في الجاهلية بمكة، فلما كان يوم بدر مر به عبد الرحمن، و هو واقف مع ابنه علي بن أمية، آخذا بيده، و مع عبد الرحمن أدراع قد استلبها، و هو يحملها، فلما رآه قال: هل لك فيّ؟ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك، ما رأيت كاليوم قط، أ ما لكم حاجة في اللبن؟- يريد أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن- فطرح عبد الرحمن الأدراع، و أخذها يمشي بها، قال عبد الرحمن: قال لي أمية بن خلف و أنا بينه و بين ابنه: من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة في صدره؟ قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل.
قال عبد الرحمن: فو اللّه إني لأقودهما إذ رآه بلال معي، و كان أمية هو الذي يعذب بلالا بمكة، فقال بلال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا قلت: أي بلال، أسيري قال: لا نجوت إن نجا. قلت: أ تسمع يا ابن السوداء. قال: لا نجوت إن نجا. ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار اللّه، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، قال:
فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة، و أنا أذب عنه، قال: فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع، و صاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط، فقلت أنج بنفسك، و لا نجاء بك، فو اللّه ما أغني عنك شيئا. قال فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما، فكان عبد الرحمن يقول: يرحم اللّه بلالا، ذهبت أدراعي، و فجعني بأسيري.
و في زاد المعاد أن عبد الرحمن بن عوف قال لأمية: أبرك، فبرك، فألقى نفسه عليه، فضربوه بالسيف من تحته حتى قتلوه، و أصاب بعض السيف رجل عبد الرحمن بن عوف [1].
4- و قتل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يومئذ خاله العاص بن هشام بن المغيرة.
5- و نادى أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه ابنه عبد الرحمن- و هو يومئذ مع المشركين- فقال: أين مالي يا خبيث؟ فقال: عبد الرحمن:
لم يبق غير شكة و يعبوب* * * و صارم يقتل ضلال الشيب [2]
6- و لما وضع القوم أيديهم يأسرون، و رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في العريش، و سعد بن معاذ قائم على بابه يحرسه متوشحا سيفه، رأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس، فقال له: «و اللّه لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم؟» قال: أجل و اللّه يا رسول اللّه.