responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 195

القوم، و حقب أمرهم، و استوثقوا على ما هم عليه من الشر، و أفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة. و هكذا تغلب الطيش على الحكمة، و ذهبت هذه المعارضة دون جدوى.

الجيشان يتراءان:

و لما طلع المشركون، و تراءى الجمعان قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها و فخرها، تحادك و تكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم الغداة». و قد قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)- و رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر- «إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا».

و عدل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) صفوف المسلمين، و بينما هو يعدلها وقع أمر عجيب، فقد كان في يده قدح يعدل به، و كان سواد بن غزية مستنصلا من الصف، فطعن في بطنه بالقدح و قال: استو يا سواد، فقال سواد: يا رسول اللّه أوجعتني فأقدني، فكشف عن بطنه، و قال: استقد، فأعتنقه سواد، و قبل بطنه، فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول اللّه قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بخير.

و لما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بأن لا يبدءوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة، ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال: إذا أكثبوكم- يعني كثروكم- فارموهم، و استبقوا نبلكم‌ [1]، و لا تسلوا السيوف حتى يغشوكم‌ [2]، ثم رجع إلى العريش هو و أبو بكر خاصة، و قام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش.

و أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال: اللهم أقطعنا للرحم، و آتانا بما لا نعرفه، فأحنه الغداة، اللهم أينا كان أحب إليك و أرضى عندك فانصره اليوم، و في ذلك أنزل اللّه: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ، وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ، وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ، وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ‌ [الأنفال:

19].


[1] صحيح البخاري 2/ 568.

[2] سنن أبي داود في سل السيوف عند اللقاء 2/ 13.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست