responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 104

خديجة إلى (رحمة اللّه)

و بعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة- على اختلاف القولين- توفيت أم المؤمنين خديجة الكبرى رضي اللّه عنها، كانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة، و لها خمس و ستون سنة، و رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذ ذاك في الخمسين من عمره‌ [1].

إن خديجة كانت من نعم اللّه الجليلة على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه، و تؤازره في أحرج أوقاته، و تعينه على إبلاغ رسالته، و تشاركه في مغارم الجهاد المر، و تواسيه بنفسها و مالها، يقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «آمنت بي حين كفر بي الناس، و صدقتني حين كذبني الناس، و أشركتني في مالها حين حرمني الناس، و رزقني اللّه ولدها، و حرم ولد غيرها» [2].

و في الصحيح عن أبي هريرة قال: أتى جبريل النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، فقال: يا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) هذه خديجة، قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ (عليها السلام) من ربها، و بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه و لا نصب‌ [3].

تراكم الأحزان‌

وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خلال أيام معدودة، فاهتزت مشاعر الحزن و الألم في قلب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه، فقد كانوا تجرءوا عليه، و كاشفوه بالنكال و الأذى بعد موت أبي طالب، فازداد غما على غم، حتى يئس منهم و خرج إلى الطائف، رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه و ينصروه على قومه، فلم ير من يؤوي و لم ير ناصرا، و آذوه مع ذلك أشد الأذى، و نالوا منه ما لم ينله قومه.

و كما اشتدت وطأة أهل مكة على النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، اشتدت على أصحابه، حتى التجأ رفيقه أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه إلى الهجرة عن مكة، فخرج حتى بلغ برك الغماد، يريد الحبشة، فأرجعه ابن الدغنة في جواره‌ [4].


[1] نص على موتها في رمضان من تلك السنة ابن الجوزي في التلقيح ص 7، و العلامة المنصور فوري في رحمة للعالمين 2/ 164 و غيرهما.

[2] رواه الإمام أحمد في مسنده 6/ 118.

[3] صحيح البخاري. باب تزويج النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) خديجة و فضلها 1/ 539.

[4] صرح الشاه أكبر خان النجيب‌آبادي بأن هذه الوقعة كانت في هذه السنة انظر تاريخ إسلام 1/ 120، و القصة بطولها مروية في ابن هشام 1/ 372، 373، 374، و في صحيح البخاري 1/ 552، 553.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست