اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 590
ذكر رسوله و ما بعثه به من الهدى، و وعد على اتباعه من عاجل الثواب و آجله خير الدنيا و الآخرة، فقال عز و جل: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة: 33]، فالحمد لله الذي أنجز وعده، و نصر جنده، ألا و إن الله قد أورثكم أرضهم و ديارهم و أموالهم و أبناءهم، لينظر كيف تعملون، ألا و إن المصرين اليوم من مسالحها كأنتم و المصرين فيما مضى من البعد و قد و غلوا فى البلاد، و الله بالغ أمره، و منجز وعده، و متبع آخر ذلك و أوله، فقوموا فى أمره على رجل يوف لكم بعهده و يؤتكم وعده، و لا تغيروا فيستبدل الله بكم قوما غيركم، فإنى لا أخاف على هذه الأمة أن يؤتوا إلا من قبلكم.
و سيأتى بعد إن شاء الله ما كان من انتقاض خراسان و غيرها فى خلافة عثمان، رضى الله عنه.
و نذكر الآن بقية فتوح أهل البصرة الذين عقد لهم عمر، رضى الله عنه، عند الإذن لهم فى الانسياح على ما تقدم.
فتح توج
قالوا [1]: و خرج أهل البصرة الذين وجهوا أمراء على فارس، و معهم سارية بن زنيم و من بعث معهم إلى ما وراء ذلك، و أهل فارس مجتمعون بتوج، فلم يصمدوا بجمعهم، و لكن قصد كل أمير منهم قصد إمارته و كورته التي أمر بها، و بلغ ذلك أهل فارس، فتفرقوا إلى بلدانهم ليمنعوها كما تفرق المسلمون فى القصد إليها، فكانت تلك هزيمة أهل فارس، تشتت أمورهم و تفرقت جموعهم، فتطيروا من ذلك كأنما ينظرون إلى ما صاروا إليه، فقصد مجاشع بن مسعود فيمن معه من المسلمين لسابور و أردشير خره، فالتقوا بتوج مع أهل فارس، فاقتتلوا ما شاء الله عز و جل، ثم إن الله عز و جل سلط المسلمين على أهل توج فهزموهم و قتلوهم كل قتلة، و بلغوا منهم ما شاءوا، و غنمهم ما فى عسكرهم فحووه.
و هذه توج الآخرة، لم يكن لها بعدها شوكة، و الأولى التي تنقذ فيها جنود العلاء بن الحضرمى أيام طاوس، و الوقعتان متساجلتان.
ثم دعوا بعد هزيمتهم هذه الآخرة إلى الجزية و الذمة، فتراجعوا و أقروا و خمس مجاشع