و خرج نعيم بن مقرن إلى الرى فلقيه أبو الفرخان مسالما، و مخلفا بالرى يومئذ سياوخش بن مهران بن بهرام، و كان سياوخش قد استمد أهل دنباوند و طبرستان و قرمس و جرجان، و قال: قد علمتم أن هؤلاء إن حلوا بالرى، إنه لا مقام لكم، فاحتشدوا له، فناهد بهم المسلمين، فالتقوا بسفح جبل الرى الذي إلى جانب مدينتها فاقتتلوا به.
و قد كان أبو الفرخان قال لنعيم: إن القوم كثير و أنتم فى قلة، فابعث معى خيلا أدخل مدينتهم من مدخل لا يشعرون به، و ناهدهم أنت، فإنهم إذا خرجوا عليهم لم يثبتوا لك. فبعث معه نعيم من الليل خيلا عليها ابن أخيه المنذر بن عمرو، فأدخلهم المدينة، و لا يشعر القوم، و بيتهم نعيم بياتا فشغلهم عن مدينتهم، فاقتتلوا و صبروا حتى سمعوا التكبير من ورائهم، فانهزموا، فقتلوا مقتلة عدوا فيها بالقصب، و أفاء الله على المسلمين بالرى نحوا من فيء المدائن، و صالح أبو الفرخان نعيما على أهل الرى، فلم يزل بعد شرف الرى فى آله، و سقط آل بهرام، و أخرب نعيم مدينة الرى، و هى التي يقال لها العتيقة، و أمر أبا الفرخان فبنى مدينة الرى الحدثاء، و كتب لهم نعيم كتابا أعطاهم فيه الأمان لهم و لمن كان معهم من غيرهم، على أن على كل حالم من الجزية طاقته فى كل سنة، و على أن ينصحوا و لا يغلوا و لا يسلوا، و يدلوا المسلم و يقروه يوما و ليلة، و يفخموه، فمن سب مسلما أو استخف به نهك عقوبة، و من ضربه قتل، و من بدل منهم فلم يسلم برمته فقد غير جماعته.
و راسل عند ذلك نعيما مردانشاه مصمعان نهاوند فى الصلح على شيء يفتدى به من غير أن يسأله النصر و المعونة، ففعل ذلك نعيم، و كتب له به و لأهل موضعه كتابا على أن يتقى من ولى الفرج بمائتى ألف درهم فى كل سنة.
و قال أبو بجيد فى يوم الرى:
ألا هل أتاها أن بالرى معشرا* * * شفوا سقما لما استجاشوا و قتلوا
لها موطنان عاينوا الهلك فيهما* * * بأيد طوال لم يخنهن مفصل
و خيل تعادى لا هوادة عندها* * * و زاد و كمت تمتطى و محجل
[1] انظر الخبر فى: الطبرى (4/ 150، 151)، البداية و النهاية لابن كثير (7/ 121، 122)، نهاية الأرب للنويرى (19/ 264- 265).
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 578