اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 572
جذعت على الماهات آناف فارس* * * لكل فتى من صلب فارس حادر
هتكت بيوت الفرس لما لقيتهم* * * و ما كل من يلقى الحروب بثائر
حبست ركاب الفيرزان و جمعه* * * على قتر من حرها غير فاتر
هدمت به الماهات و الدرب بغتة* * * إلى غاية أخرى الليالى الغوابر
و قال أبو بجيد فى ذلك:
لو أن قومى فى الحروب أذلة* * * لأخنث عليهم فارس فى الملاحم
و لكن قومى أحرزتهم سيوفهم* * * فآبوا و قد عادوا حواة المكارم
أبينا فلم نعط الظلامة فارسا* * * و لكن قبلنا عفو سلم المسالم
و نحن حبسنا فى نهاوند خيلنا* * * لشر ليال أنتجت للأعاجم
نتجن لهم فينا و عضل سخلها* * * غداة نهاوند لإحدى العظائم
ملأنا شعابا فى نهاوند منهم* * * رجالا و خيلا أضرمت فى الضرائم
و أركضهن الفيرزان على الصفا* * * فلم ينجه منا انفساح المخارم
ذكر الانسياح فى بلاد فارس، و عمل المسلمين به بإذن عمر رضى الله عنه، فيه بعد منعه إياهم، و ما تبع ذلك من الفتوح فى بقية خلافته و قتال الترك و الديلم و غيرهم [1]
و لم يزل عمر، رضى الله عنه، ينهى المسلمين عن الانسياح فى بلاد فارس، و يأمرهم بالاقتصار على ما فى أيديهم، و الجد فى قتال من قاتلهم، نظرا للإسلام و احتياطا على أهله و إشفاقا، و لا يزال أهل فارس يجهدون بعد كل نيل منهم و هزيمة تأتى على جموعهم فى انبعاث جموع أخر، رجاء الاستدراك لما قد أذن الله فى إقامته، و الإبقاء من أمرهم لما سبقت المشيئة بزواله و استيلاء الإسلام عليه و على سواه، تتميما لنوره، و إنجازا لموعود رسوله الذي أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون.
و كان بعض أهل الذمة الذين قهرهم الإسلام على الصلح و أقرهم على الجزية ينتقضون عند تحرك أهل فارس، فسأل عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وفد أهل البصرة عن ذلك، و هل يفضى المسلمون إلى أهل الذمة بأذى أو بأمور لها ينتقضون؟ فقالوا: لا نعلم إلا وفاء و حسن ملكة، قال: كيف هذا؟ فلم يجد عند أحد منهم شيئا يشفيه و يبصر
[1] انظر الخبر فى: الطبرى (4/ 94- 138)، فتوح البلدان للبلاذرى (ص 476).
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 572