اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 534
ضربناهم بالبيض حتى إذا انثنت* * * أقمنا لها ميلا بضرب القوانس
فولوا سراعا نحو دار أبيهم* * * و قد خومروا يوم الوغا بالوساوس
فما برحت خيلى تقص طريقهم* * * و تقتلهم بين اشتباك الخنادس
ذكر الحديث عن تمصير الكوفة و البصرة و تحول سعد بن أبى وقاص عن المدائن إلى الكوفة و ما يندرج مع ذكر البصرة من فتح الأبلة [1]
ذكروا [2] أنه جاء عمر، رضى الله عنه، فتح جلولاء، و ما ذكر بعدها، و نزول المسلمين حيث ذكر قبل نزولهم منها، و لما قدمت الوفود بذلك عليه، أنكرهم حين رآهم، و قال: و الله ما هيئتكم بالهيئة التي بدوتم بها، و لقد قدمت وفود القادسية و المدائن و إنهم لكما بدوا، فما غيركم؟ قالوا: و خومة البلاد، فنظر فى حوائجهم، و عجل سراحهم، و كتب إلى سعد: أنبئنى ما الذي غير ألوان العرب و لحومهم؟.
فكتب إليه: إن العرب خددهم و غير ألوانهم و خومة المدائن و دجلة، فكتب إليه عمر:
إن العرب لا يوافقها إلا ما وافق إبلها من البلدان، فابعث سلمان رائدا و حذيفة، و كانا رائدى الجيش، فليرتادا منزلا بريا بحريا، ليس بينى و بينكم فيه بحر و لا جسر، و لم يكن بقى من أمر الجيش شيء إلا و قد أسنده عمر إلى رجل، فبعث سعد حذيفة و سلمان.
فخرج سلمان حتى أتى الأنبار، فسار فى غربى الفرات لا يرى شيئا، حتى أتى الكوفة، و خرج حذيفة فى شرقى الفرات لا يرضى شيئا، حتى أتى الكوفة، فأتيا عليها و فيها ديارات ثلاث: دير حرقة، و دير أم عمرو، و دير سلسلة، و أخصاص خلال ذلك، فأعجبتهما البقعة، فنزلا فصليا، و قال كل واحد منهما: اللهم رب السماوات و ما أظلت، و رب الأرضين و ما أقلت، و رب الريح و ما أذرت، و النجوم و ما هوت، و البحار و ما جرت، و الشياطين و ما أضلت، و الخصاص و ما أجنت، بارك لنا فى هذه الكوفة، و اجعله منزل ثبات، فرجعا إلى سعد بالخبر.
و ذكر المدائنى أن الناس اجتووا المدائن بعد أن رجعوا من جلولاء، فشكوا ذلك إلى
[1] انظر: الطبرى (4/ 40)/ فتوح البلدان للبلاذرى (ص 338- 354، 425- 458)، الكامل فى التاريخ لابن الأثير (2/ 367- 371).