اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 488
تجزعوا مما لا بد منه، فالصبر أنجى من الجزع. و فعل طليحة و غالب أهل النجدات من جميع القبائل مثل ذلك.
و قال أنس بن الجليس: شهدت ليلة الهرير، فكان صليل الحديد فيها كضرب القيون ليلتهم حتى الصباح، أفرغ عليهم الصبر إفراغا.
و بات سعد بليلة لم يبت بمثلها، و رأى العرب و العجم أمرا لم يروا مثله قط، و انقطعت الأصوات و الأخبار عن سعد و رستم، فبعث سعد فى تلك الليلة نجادا، و هو غلام، إلى الصف، إذ لم يجد رسولا، فقال: انظر ما ذا ترى من حالهم، فرجع إليه فقال:
ما رأيت يا بنى؟ فقال: رأيتهم يلعبون، فقال: أو يجدون. فأقبل سعد على الدعاء، حتى إذا كان فى وجه الصبح، انتمى الناس فاستدل سعد بذلك على أنهم الأعلون، و أن الغلبة لهم.
قال بعضهم: أول شيء سمعه سعد ليلتئذ مما يستدل به على الفتح فى نصف الليل الباقى صوت القعقاع بن عمرو و هو يقول:
نحن قتلنا معشرا و زائدا* * * أربعة و خمسة و واحدا
تحسب فوق البلد الأساودا* * * حتى إذا ماتوا دعوت واحدا
الله ربى و احترزت جاهدا
فاستدل سعد بهذا، و بما سمع معه من غير القعقاع من الانتماء، و اتسع له الرجاء، فسمع عمرو بن معدى كرب يقول: أنا ابن أسلة، و طليحة يقول: أنا ابن ليلى، و سعد بن عمارة يقول: أنا ابن أروى، ثم سمع الانتساب من كل ناحية: خذها و أنا الغلام الجرمى من النخع، خذها و أنا الغلام المالكى من بنى أسد، خذها و أنا الغلام الأسعدى من عجل، فأصبحوا و الناس على مواقفهم متحاجزين، فصلى المسلمون الغداة و فضوا من شأنهم.
خبر اليوم الرابع من أيام القادسية
و هذا أ هو آخر أيامها، و يسمى من بينها: يوم القادسية، و فيه قتل الله رستم، و أتم الفتح للمسلمين.
قالوا [1]: و أصبح الناس ذلك اليوم حسرى، لم يغمضوا ليلتهم كلها، فسار القعقاع