اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 423
سلبه، فلم يأخذ زيد من سلبه إلا السيف، نفله إياه الأمير، فكان زيد يقول: من يشترى سيفا و هذا أثره، و يخرج يده الجذماء فيريها، و قد قيل إن غلاما نصرانيا من بنى تغلب هو الذي قتل مهران، فالله أعلم.
و هزم المشركون فأتوا الفرات، و اتبعهم المسلمون، فانتهوا إلى الجسر، و قد عبرت طائفة من المشركين الجسر، فحالوا بين الباقين و بينه، فأخذوا يمينا و شمالا، فقاتلهم المسلمون حتى أمسوا، و اقتحم طائفة الفرات فغرق بعضهم و نجا بعض، و رجع المسلمون عنهم حين أمسوا، فعبر من بقى منهم الجسر، ثم قطعوه فأصبح المسلمون فعقدوه و اتبعوهم حتى بلغوا بيوت ساباط، ثم انصرفوا و صلبوا مهران على الجسر.
و يقال: إن المثنى قطع الجسر أولا ليمنع أهل فارس العبور، ثم ندم على ذلك و قال:
لقد عجزت عجزة وقى الله شرها بمسابقتى إياهم إلى الجسر و قطعه حتى أحرجتهم، فإنى غير عائد فلا تعودوا و لا تعتدوا بى أيها الناس، فإنما كانت زلة، لا ينبغى إخراج أحد إلا من لا يقوى على الامتناع.
و لما افترق الأعاجم على شاطئ الفرات مصعدين و مصوبين و اعتورتهم خيول المسلمين أكثروا القتل فيهم حتى جعلوهم جثاء، فما كانت بين العرب و العجم وقعة كانت أقوى رمة منها.
حدث أبو روق قال: و الله إن كنا لنأتى البويب، يعنى بعد ذلك بزمان، فنرى ما بين السكون و بنى سليم عظاما بيضاء تلولا تلوح من هامهم و أوصالهم نعتبر بها. قال:
و حدثني بعض من شهدها أنهم كانوا يحرزونها مائة ألف.
و اقتسم المسلمون ما أفاء الله عليهم، و نفلت بجيلة و جرير ما جعل لهم عمر بن الخطاب و حمل الخمس أو باقى الخمس، و جلس المثنى للناس يحدثهم و يحدثونه لما فرغوا، و كلما جاء رجل فتحدث قال له المثنى: أخبرنى عنك، فقال قرط بن جماح العبدرى:
قتلت رجلا فوجدت منه رائحة المسك فقلت: مهران، و رجوت أن يكون إياه، فإذا هو شهريرار صاحب الخيل فو الله ما رأيته إذ لم يكن مهران شيئا. و كان قرط قد قاتل يومئذ حتى دق قنى و قطع أسيافا.
و قال ربعى و هو يحدث المثنى: لما رأيت ركود الحرب و احتدامها قلت: تترسوا بالمجان فإنهم شادّون عليكم فاصبروا لشدتين و أنا زعيم لكم بالظفر فى الثالثة، فأجابونى فولى الله كفالتى.
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 423