اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 414
عهد عمر، فكان بعد إذا قرأ: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [الأنفال: 16]، خنقته العبرة و بكى، فكان عمر يقول: أنا لكم فئة.
و كان عمر، رضى الله عنه، قد رأى فى النوم أن أبا عبيد و أصحابه انتهوا إلى ضرس من الحيرة فتحيروا و لم يجدوا مخرجا، فرجعوا فلم يجدوا طريقا، فرفعوا إلى السماء، فقال عمر: هذه شهادة، فليت شعرى ما فعل عدوهم؟ فكان يتوقع الخبر حتى قدم عبد الله بن زيد الخطمى فأخبره، فبكى و قال: ما وجهت أحدا وجها أكره إلىّ من الوجه الذي توجه إليه أبو عبيد.
و قال أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عبيد يرثى أبا عبيد و من أصيب معه، و هو ابن عم أبى عبيد و أخو بنى حبيب الثلاثة المقتولين معه من أمرائه:
أنى تهدت نحونا أم يوسف* * * و من دون مسراها فياف مجاهل
إلى فتية بالطف نيلت سراتهم* * * و غرى أفراس بها و رواحل
و أضحى بنو عمرو لدى الجسر منهم* * * إلى جانب الأبيات حزم و نابل
و أضحى أبو جبر خلا ببيوته* * * بما كان تعدوه الضعاف الأرامل
ألا قد علت قلب الهموم الشواغل* * * و راجعت النفس الأمور القواتل
سيعلم أهل الغىّ كيف عزيمتى* * * و يعلم ودادى الذين أواكل
غناى و أخذى بالذى أنا أهله* * * إذا نزلت بى المعضلات العضائل
فما رمت حتى خرقوا برماحهم* * * ثيابى و جادت بالدماء الأباجل
و ما رمت حتى كنت آخر راجع* * * و صرع حولى الصالحون الأماثل
و قد غادرونى فى مكر جيادهم* * * كأنى غادتنى من الراح شامل
و أمسى على سيفى نزيف و مهرتى* * * لدى الفيل تدمى نحرها و الشواكل
فما لمت نفسى فيهم غير أنها* * * إلى أجل لم يأتها و هو عاجل
مررت على الأنصار وسط رحالهم* * * فقلت لهم هل منكم اليوم قافل
ألا لعن الله الذين يسرهم* * * رداى و ما يدرون ما الله فاعل
و قال أبو محجن أيضا:
يا عين جودى على جبر و والده* * * إذا تحطمت الرايات و الحلق
يوم بيوم أتى جبر و إخوته* * * و النفس نفسان منها الهول و الشفق
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 414