اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 398
قالوا: و لما اجتمع المسلمون بالفراض حميت الروم و اغتاظت، و استعانوا بمن يليهم من مسالح أهل فارس، و قد حموا و اغتاظوا و استمدوا تغلب و إياد و النمر، فأمدوهم بأجمعهم، و اجتمعوا كلهم على كلمة واحدة، ثم ناهدوا خالدا حتى إذا صار الفرات بينه و بينهم قالوا: إما أن تعبروا إلينا، و إما أن نعبر إليكم قال خالد: اعبروا إلينا، قالوا: فتنحوا حتى نعبر، قال خالد: لا نفعل، و لكن اعبروا أسفل منا. فقال الروم و فارس بعضهم لبعض:
احتسبوا ملككم، هذا رجل يقاتل عن دين، و له عقل و علم، و و الله لينصرن و لتخذلن، ثم لم ينتفعوا بذلك، فعبروا أسفل من خالد، فلما تتاموا قالت الروم: امتازوا حتى يعرف اليوم ما كان من حسن أو قبح، من أينا يجىء ففعلوا، ثم اقتتلوا قتالا شديدا طويلا، ثم هزمهم الله تعالى.
و قال خالد للمسلمين: ألحوا عليهم، فجعل صاحب الخيل يحشر منهم الزمرة برماح أصحابه، فإذا جمعوهم قتلوهم، فقتل يوم الفراض فى المعركة و فى الطلب مائة ألف، و أقام خالد على الفراض بعد الوقعة عشرا، ثم أذن فى القفل إلى الحيرة، و أمر عاصم بن عمرو أن يسير بهم، و أمر شجرة بن الأعز أن يسوقهم.
و أظهر خالد أنه فى الساقة، و خرج من الفراض حاجا لخمس بقين من ذى القعدة مكتتما بحجه، و معه عدة من أصحابه، يعتسف البلاد حتى أتى مكة بالسمت، فقضى حجه، ثم أتى الحيرة، فوافاه بها كتاب أبى بكر، رضى الله عنه، يأمره فيه بالمسير إلى الشام و يعاتبه على ما فعل، إذ لم يعلم أبو بكر بحجته هذه إلا بعد انصرافه إلى الحيرة.
و قد تقدم هذا كله فيما رسم قبل من فتوح الشام مستوفى فى بيانه، و كيف كان مسيره إلى الشام و تركه المثنى بن حارثة بعده على العراق، و مشاطرته إياه فى الناس، كل ذلك بأمر أبى بكر، رضى الله عنه، حسب ما تقدم ذكره.
و لما انفصل خالد، (رحمه الله)، إلى الشام شيعه المثنى إلى قراقر، و رجع من تشييعه إلى الحيرة، فأقام بها فى سلطانه، و وضع فى المسلحة التي كان فيها على السيب أخاه، و سد أماكن كل من خرج مع خالد من الأمراء برجال أمثالهم من أهل الغناء، و وضع مذعور ابن عدى فى بعض تلك الأماكن.
[1] انظر: الطبرى (3/ 411- 415)، الكامل لابن الأثير (2/ 284- 286)، تاريخ ابن خلدون (2/ 87- 91).
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 398