اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 391
و لما اطمأن خالد بالأنبار و المسلمون، و أمن أهل الأنبار و ظهروا، رآهم يكتبون بالعربية و يتعلمونها، فسألهم: ما أنتم؟ فقالوا: قوم من العرب، نزلنا إلى قوم من العرب كانت أوائلهم نزلوا أيام بختنصر حين أباح العرب، فلم نزل عنها. فقال: ممن تعلمتم الكتابة؟ فقالوا: تعلمنا الخط من إياد، و أنشدوا قول الشاعر:
قوم إياد لو أنهم أمم* * * أو لو أقاموا فتهزل النعم
قوم لهم باحة العراق إذا* * * ساروا جميعا و الخط و القلم
[1] فصالح خالد من حولهم، و بدأ بأهل البوازيج، فبعث إليه أهل كلواذة [2] ليعقد لهم، و كاتبهم عيبته من وراء دجلة.
ثم إن الأنبار و ما حولها نقضوا فيما كان يكون بين المسلمين و المشركين الدول ما خلا أهل البوازيج فإنهم ثبتوا كما ثبت أهل بانقيا.
و لما فرغ خالد من الأنبار، و استحكمت له، استخلف عليها الزبرقان بن بدر، و قصد لعين التمر، و بها يومئذ مهران بن سوسن فى جمع عظيم من العجم، و عقة بن أبى عقة فى جمع عظيم من العرب من النمر و تغلب و إياد و من لاقاهم. فلما سمعوا بخالد قال عقة لمهران: إن العرب أعلم بقتال العرب، فدعنا و خالدا. قال: صدقت، لعمرى لأنتم أعلم بقتال العرب، و إنكم لمثلنا فى قتال العجم. فخدعه و اتقى به، و قال: دونكموهم و إن احتجتم إلينا جئناكم.
فلما مضى عقة نحو خالد قالت الأعاجم لمهران: ما حملك على أن تقول هذا القول لهذا الكلب فقال: دعونى فإنى لم أرد إلا ما هو خير لكم و شر له، إنه قد جاءكم من قتل ملوككم، و فل حدكم، ما اتقيته بهم، فإن كانت لهم على خالد فهى لكم، و إن كانت الأخرى لم يبلغوا منهم حتى يهنوا فنقاتلهم و نحن أقوياء و هم ضعفاء، فاعترفوا له بفضل الرأى، فلزم مهران العين و نزل عقة لخالد على الطريق، و بينه و بين مهران روحة أو غدوة، فقدم عليه خالد و هو فى تعبئة جنده، فعبأ خالد جنده و قال لمجنبتيه: اكفونا ما
[1] انظر الأبيات فى: الطبرى (3/ 375)، البداية و النهاية لابن كثير (6/ 349).
[2] كلواذة: موضع بين الكوفة و واسط. انظر معجم البلدان (4/ 477).
[3] انظر: الطبرى (3/ 376، 377)، الأخبار الطوال للدينورى (ص 112)، الكامل لابن الأثير (2/ 269، 270)، البداية و النهاية لابن كثير (6/ 349، 350).
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 391