responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 314

فقسط فيما بينهم كل جزية* * * و كل رفاد كان أهنى و أحمد

قال صاحب فتوح الشام‌ [1]: ثم إن عمر رضى الله عنه، خرج من الشام مقبلا إلى المدينة، فلما دنا منها استقبله الناس يهنئونه بالنصر و الفتح، فجاء حتى دخل مسجد رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) فصلى ركعتين عند المنبر، ثم صعد المنبر، و اجتمع الناس إليه، فقام، فحمد الله و أثنى عليه، و صلى على النبيّ محمد (صلى اللّه عليه و سلم) و قال: يا أيها الناس، إن الله قد اصطنع عند هذه الأمة أن يحمدوه و يشكروه، و قد أعز دعوتها و جمع كلمتها، و أظهر فلجها، و نصرها على الأعداء، و شرفها و مكن لها فى الأرض، و أورثها بلاد المشركين و ديارهم و أموالهم، فأحدثوا لله عز و جل شكرا يزدكم، و احمدوه على نعمه عليكم يدمها لكم، جعلنا الله و إياكم من الشاكرين. ثم نزل.

قال: فمكث المسلمون بالشام عليها أبو عبيدة بن الجراح، و مكث فيها بعد خروج عمر منها ثلاث سنين، ثم توفى (رحمه الله)، فى طاعون عمواس، و كان طاعونا عم أهل الشام، و مات فيه بشر كثير، و كانت وفاة أبى عبيدة بالأردن، و بها قبره، و لما طعن (رحمه الله)، دعا المسلمين، فدخلوا عليه، فقال لهم: إنى موصيكم بوصية، فإن قبلتموها لم تزالوا بخير ما بقيتم، و بعد ما تهلكون: أقيموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و صوموا، و تصدقوا، و حجوا و اعتمروا، و تواصلوا و تحابوا، و اصدقوا أمراءكم، و لا تغشوهم، و لا تلهكم الدنيا، فإن امرأ لو عمر ألف حول ما كان له بد من أن يصير إلى مثل مصرعى هذا الذي ترون، إن الله قد كتب الموت على بنى آدم، فهم ميتون، فأكيسهم أطوعهم لربه، و أعملهم ليوم معاده.

ثم قال لمعاذ بن جبل: يا معاذ، صل بالناس، فصلى معاذ بهم، و مات أبو عبيدة، رحمة الله عليه و مغفرته و رضوانه، فقام معاذ فى الناس فقال: يا أيها الناس، توبوا إلى الله توبة نصوحا، فإن عبدا إن يلق الله تائبا من ذنبه كان حقا على الله أن يغفر له ذنوبه، و من كان عليه دين فليقضه، فإن العبد مرتهن بدينه، و من أصبح منكم مصارما مسلما فليلقه فيصالحه، إذا لقيه، و ليصافحه، فإنه لا ينبغى لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاثة أيام، و الذنب فى ذلك عظيم عند الله، و إنكم أيها المسلمون قد فجعتم برجل، و الله ما أزعم أنى رأيت منكم عبدا من عباد الله قط أقل غمرا، و لا أبرأ صدرا، و لا أبعد من الغائلة، و لا أنصح للعامة، و لا أشد عليهم تحننا و شفقة منه، فترحموا عليه، ثم احضروا الصلاة عليه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و الله لا يلى عليكم مثله أبدا.


[1] انظر: تاريخ فتوح الشام (266- 267).

اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست