responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 261

كان على طاعة قيصر ثلاثة أصناف، فأما صنف فكانوا على دين العرب، و كانوا معهم، و أما صنف فكانوا نصارى، و كانت لهم فى النصرانية نية، فكانوا معنا، و أما صنف فكانوا نصارى ليس لهم فى النصرانية تلك النية، فقالوا: نكره أن نقاتل أهل ديننا و نكره أن ننصر العجم على قومنا، و أقبلت الروم تتبع أهل الإسلام و قد كانوا هائبين لهم مرعوبين منهم، و لكنهم لما رأوهم قد خلوا لهم البلاد و تركوا لهم ما كانوا افتتحوا جرأهم ذلك عليهم مع عددهم الذي لم يجتمع قط لأحد من قبلهم.

و عن عبد الله بن قرط قال: لما أقبلت الروم من عند ملكهم أخذوا لا يمرون بأرض قد كنا افتتحناها ثم أجلينا لهم عنها إلا أوقعوا بهم و لاموهم و شتموهم و خوفوهم، فيقولون لهم: أنتم أولى باللائمة منا، أنتم و هنتم و عجزتم و تركتمونا و ذهبتم، و أتانا قوم لم تكن لنا بهم طاقة، فكانوا يعرفون صدقهم فيكفون عنهم، و أقبلوا يتبعون آثار المسلمين حتى نزلوا بمكان من اليرموك يدعى دير الجبل مما يلى المسلمين، و المسلمون قد جعلوا نساءهم و أولادهم على جبل خلف ظهورهم، فمر قيس بن هبيرة بنسوة من نساء المسلمين مجتمعات، فلما رأينه قامت إليه أميمة بنت أبى بشر بن زيد بن الأطول الأزدية، و كانت تحت عبد الله بن قرط، و كان أشبه خلق الله به فى الحرب، فرسه يشبه فرسه، و باده يشبه باده، و كل شي‌ء منه كذلك، فظنت أنه زوجها، فقالت له: اسمع بنفسى أنت، فعلم قيس أنها شبهته بزوجها، فقال: أظنك شبهتنى بزوجك. فقالت: وا سوأتاه و انصرفت، فأقبل قيس عليها، و على من كان معها من النساء، فقال لهن: قبح الله امرأة منكن تضطجع لزوجها و هذا عدوه قد نزل بساحته إن لم يقاتل عنها، و إذا أراد ذلك منها فلتمتنع عليه و لتحث فى وجهه التراب، ثم لتقل له: أخرج قاتل عنى، فلست لك بامرأة حتى تمنعنى، فلعمرى ما تقرب النساء على مثل هذه الحال إلا أهل الفسولة و النذالة، ثم مضى. فقالت المرأة: وا سوأتاه منه، و إنما ظننت أنه ابن قرط، فإنه لم يتعش البارحة إلا عشاء خفيفا، آثر بعشائه رجلين من إخوانه تعشيا عنده، فكنت هيأت له غداءه، فأردت أن ينزل فيتغذى‌ [1].

قال ابن قرط: و لما نزل الروم منزلهم الذي نزلوا فيه، دسسنا إليهم رجالا من أهل البلد كانوا نصارى قد أسلموا، فأمرناهم أن يدخلوا عسكرهم فيكتموا إسلامهم و يأتونا بأخبارهم، فكانوا يفعلون ذلك، قال: فلبثوا أياما مقابلينا ثلاثا أو أربعا لا يسألوننا عن شي‌ء و لا نسألهم، و لا يتعرضون لنا و لا نتعرض لهم، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا جلبة


[1] انظر: تاريخ فتوح الشام (172- 174).

اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست