اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 26
و لا ذكر للمهاجر بن أبى أمية فى شيء من ذلك إلا أن ابن إسحاق و الواقدى ذكرا أن قدوم رسول ملوك حمير على رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) كان مقدمه من تبوك، و ذلك فى سنة تسع، و توجيه رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) رسله إلى الملوك إنما كان بعد انصرافه عن الحديبية آخر سنة ست، فلعل المهاجر و الله أعلم كانت وجهه حينئذ إلى الحارث بن عبد كلال فصادف منه عامئذ ترددا و استنظارا، ثم جلا الله عنه العمى فيما بعد، و أمر بهدايته فاستبان له القصد، فعند ذلك أرسل هو و أصحابه بإسلامهم إلى رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) و بذلك يجتمع الأمران، و يصح الخبران، إذ لا خلاف بين أهل العلم بالأخبار و العناية بالسير أن ملوك حمير أسلموا و كتبوا بإسلامهم إلى رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) كما أنه لا خلاف بينهم أيضا فى توجيه المهاجر بن أبى أمية إلى الحارث بن عبد كلال.
و يقول بعض من ذكر ذلك أن المهاجر لما قدم عليه قال له: يا حارث إنك كنت أول من عرض عليه النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) نفسه فخطيت عنه، و أنت أعظم الملوك قدرا، فإذا نظرت فى غلبة الملوك فانظر فى غالب الملوك، و إذا أسرك يومك فخف غدك، و قد كان قبلك ملوك ذهبت آثارها و بقيت أخبارها، عاشوا طويلا و أملوا بعيدا و تزودوا قليلا، منهم من أدركه الموت، و منهم من أكلته النقم، و إنى أدعوك إلى الرب الذي إن أردت الهدى لم يمنعك، و إن أرادك لم يمنعك منه أحد، و أدعوك إلى النبيّ الأمى الذي ليس شيء أحسن مما يأمر به و لا أقبح مما ينهى عنه، و اعلم أن لك ربا يميت الحى و يحيى الميت، و يعلم خائنة الأعين و ما تخفى الصدور.
فقال الحارث: قد كان هذا النبيّ عرض نفسه على، فخطيت عنه، و كان ذخرا لمن صار إليه، و كان أمره أمرا بسق، فحضره اليأس و غاب عنه الطمع، و لم تكن لى قرابة أحتمله عليها، و لا لى فيه هوى أتبعه له، غير أنى أرى أمرا لم يؤسسه الكذب، و لم يسنده الباطل، له بدو سار و عافية نافعة، و سأنظر.
ذكر كتاب النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) إلى فروة بن عمرو الجذاميّ ثم النفاتى، و ما كان من تبرعه بالإسلام هداية من الله عز و جل له [1]
ذكر الواقدى بإسناد له أن فروة بن عمرو [2]، هذا كان عاملا لقيصر على عمان من