اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 223
و كتب المسلمون إلى عمر بالخبر، و أقاموا بفحل لا يريدون أن يريموها حتى يرجع جواب عمر، و لا يستطيعون الإقدام على العدو من مكانهم لما دونهم من الأوحال.
و أصاب المسلمون من ريف الأردن أفضل مما فيه المشركون، مادتهم متواصلة، و خصبهم رغد، و رجاء الروم أن يكون المسلمون على غرة، فقصدوهم ليلا، و المسلمون على حذر لا يأمنون مجيئهم، و كان شرحبيل لا يبيت و لا يصبح إلا على تعبئة، فلما هجموا على المسلمين غافصوهم، و لم يناظروهم، فاقتتلوا بفحل كأشد قتال اقتتلوا قط ليلتهم و يومهم إلى الليل، فأظلم الليل عليهم و قد حاروا، فانهزموا، و قد أصيب رئيسهم سقلار بن مخراق، و الذي يليه فيهم نسطورس، و ظفر المسلمون بهم كأحسن الظفر و أهنئه، و ركبوهم و هم يرون أنهم على قصد، فوجدوهم حيارى لا يعرفون مأخذهم، فأسلمتهم هزيمتهم و حيرتهم إلى الوحل، فركبوه، و لحق بهم أوائل المسلمين و قد وحلوا فيه، فوخزوهم بالرماح و هم لا يمنعون يد لامس، و قتلوا فى الرداغ، فما أفلت من أولئك الثمانين ألفا إلا الشريد، و كان الله يصنع للمسلمين و هم كارهون، كرهوا البثوق فكانت عونا لهم على عدوهم، و آية من الله ليزدادوا بصيرة وجدا، و اقتسموا ما أفاء الله عليهم، و انصرف أبو عبيدة بخالد من فحل إلى حمص، و صرفوا بشير بن كعب معهم، و مضوا بذى الكلاع و من معه، و خلوا شرحبيل بن حسنة و من معه [1].
و لما فرغ شرحبيل من وقعة فحل نهد بالناس إلى بيسان و معه عمرو، فنزلوا عليها، و أبو الأعور و القواد معه على طبرية، و قد بلغ أفناء أهل الأردن ما لقيت دمشق، و ما لقى سقلار و الروم بفحل و فى الردغة، و مسير شرحبيل إليهم، فتحصنوا بكل مكان، و حصر شرحبيل أهل بيسان أياما. ثم خرجوا يقاتلونه، فقتل المسلمون من خرج إليهم منهم، و صالح بقية أهلها.