اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 221
عبيدة ذا الكلاع حتى كان بين دمشق و حمص ردءا. و بعث علقمة بن حكيم و مسروقا فكانا بين دمشق و فلسطين، و الأمير يزيد.
و قدم خالد و أبو عبيدة و عمرو و شرحبيل على دمشق فنزلوا حواليها و حاصروا أهلها حصارا شديدا نحوا من سبعين ليلة، و قاتلوهم قتالا عظيما بالزحوف و الترامى و المجانيق، و هم معتصمون بالمدينة، يرجون الغياث، و هرقل منهم قريب بحمص، و مدينة حمص بينه و بين المسلمين و ذو الكلاع بين المسلمين و بين حمص على رأس ليلة من دمشق، كأنه يريد حمص.
و جاءت جنود هرقل مغيثة لأهل دمشق، فأشجتها الخيول التي مع ذى الكلاع و شغلتها، فلما أيقن أهل دمشق أن الأمداد لا تصل إليهم فشلوا و وهنوا و أبلسوا، و ازداد المسلمون طمعا فيهم، و كانوا قبل يرون أنها كالغارات، و أنه إذا جاء البرد قفل الناس، فسقط النجم و المسلمون مقيمون، فعند ذلك انقطع رجاء الروم و ندموا على دخول دمشق، و اتفق أن ولد للبطريق الذي دخل على أهل دمشق مولود، فصنع عليه طعاما، فأكل القوم و شربوا، و غفلوا عن مواقفهم، و لا يشعر بذلك أحد من المسلمين إلا ما كان من خالد، فإنه كان لا ينام و لا ينيم، و لا يخفى عليه من أمرهم شيء، عيونه ذاكية و هو معنى بما يليه، قد اتخذ حبالا كهيئة السلالم و أوهاقا [1]، فلما أمسى من ذلك اليوم نهد هو و من معه من جنوده الذين قدم بهم، و تقدمهم هو و القعقاع بن عمرو و مذعور بن عدى و أمثالهما.
و قالوا: إذا سمعتم تكبيرنا على السور فارقوا إلينا و انهدوا للباب و ائتوا من الباب الذي كان خالد يليه، فقطعوا الخندق سبحا على ظهورهم القرب، ثم رموا بالحبال الشرف. فلما ثبت لهم و هقان تسلق القعقاع و مذعور ثم لم يدعا أحبولة إلا أثبتاها و الأوهاق بالشرف، و كان المكان الذي اقتحموا منه خندقهم أحصن مكان يحيط بدمشق، أكثره ماء، و أشده مدخلا، و توافوا لذلك، فلم يبق ممن دخل معه أحد إلا رقى أو دنا من الباب، حتى إذا استووا على السور حدر عامة أصحابه، و انحدر معهم، فكبر الذين على رأس السور، فنهد المسلمون إلى الباب، و مال إلى الحبال بشر كثير، فوثبوا فيها، و انتهى خالد إلى أول من يليه فأنامهم، و انحدر إلى الباب فقتل البوابين، و ثار أهل المدينة، و فزع سائر الناس فأخذوا مواقفهم و لا يدرون من الشأن، و تشاغل أهل كل
[1] الأوهاق: جمع وهق، و هو الحبل فى طرفيه أنشوطة يطرح فى عنق الدابة أو الإنسان حتى يؤخذ.
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 221