responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دفع ايهام الاضطراب عن ايات الكتاب المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 277
فَإِذَا حَقَّقْتَ ذَلِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا أَنْكَرُوا الْبَعْثَ، ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ أَمَارَةُ إِنْكَارِ الْإِيجَادِ
الْأَوَّلِ، لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ بِالثَّانِي، لِأَنَّ الْإِعَادَةَ أَيْسَرُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَكَّدَ لَهُمُ الْإِيجَادَ الْأَوَّلَ.
وَيُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ: فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ [95 \ 7] ، أَيْ مَا يَحْمِلُكَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ عَلَى التَّكْذِيبِ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، بَعْدَ عِلْمِكَ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَدَكَ أَوَّلًا، فَمَنْ أَوْجَدَكَ أَوَّلًا قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُوجِدَكَ ثَانِيًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ الْآيَةَ [36 \ 79] ، وَقَالَ: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ الْآيَةَ [21 \ 104] ، وَقَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ الْآيَةَ [30 \ 27] وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ [22 \ 5] .
وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ، وَلِذَا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ، فَقَدْ نَسِيَ إِيجَادَهُ الْأَوَّلَ، بِقَوْلِهِ: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [36 \ 78] ، وَبِقَوْلِهِ: وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا [19 \ 66 - 67] .
وَقَالَ الْبَعْضُ: مَعْنَى: فَمَا يُكَذِّبُكَ، فَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَهُوَ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَالْأَوَّلِ، فَظَهَرَتِ النُّكْتَةُ فِي جَعْلِ الِابْتِدَائِيِّ كَالْإِنْكَارِيِّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَسَمَ شَامِلٌ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ [95 \ 5] ، أَيْ إِلَى النَّارِ، وَهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ بِالنَّارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ [52 \ 14] .
وَهَذَا الْوَجْهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَسْفَلَ سَافِلِينَ أَصَحُّ مِنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ الْهَرَمُ، وَالرَّدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَوْنِ قَوْلِهِ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

اسم الکتاب : دفع ايهام الاضطراب عن ايات الكتاب المؤلف : الشنقيطي، محمد الأمين    الجزء : 1  صفحة : 277
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست