responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التصوير القراني للقيم الخلقيه والتشريعيه المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 312
العفو والإباحة، ولا حظر على شيء منها إلا ما نصَّ الشرع بتحريمه، ومن هنا يستنكر الله -عز وجل- على الشركاء الذين شرعوا لغيرهم ما لم يأذن به الله، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] ، وجعل ذلك افتراء يستحقون عليه العذاب، قال تعالى: {وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 138] .
وفي هذا يقول ابن تيمية: "وهذه قاعدة عظيمة نافعة، وإذا كان كذلك فنقول: البيع والهبة والإجارة وغيرها من العادات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم كالأكل والشرب واللباس، فإن الشريعة قد جاءت في هذه العادات، التي يحتاج الناس إليها في معاشهم كالأكل والشرب والباس، فحرمت منها ما فيه فساد وأوجبت ما لا بد منه، وكرهت ما لا ينبغي، واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه ومقاديرها وصفاتها"[1]، وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق اقتضى أيضًا أن تنعقد العقود بأي لفظ يدل على المقصود في المعاملات، وبذلك يتنزَّه الإسلام عن الشكلية والمظهرية، فلئلا يشترط صيغة معينة بلغة معينة كالبيع والشراء، ولا يلزم فيه لفظ "بعت واشتريت" باللغة العربية، بل يكفي في ذلك أي لفظ عربي أو غير عربي، يدل على الإيجاب والقبول، وكذلك الأمر في عقد التجارة، فقد جاز استعمال لفظ "التراضي" في البيع، قال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ، وصح لفظ "طيب" النفس في التبرع، قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: 4] ، وهكذا في

[1] فتاوي ابن تيمية: 19/ 18.
اسم الکتاب : التصوير القراني للقيم الخلقيه والتشريعيه المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست