responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير للشوكاني المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 320
قَوْلُهُ: أَوْ كَالَّذِي أَوْ: لِلْعَطْفِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى، وَالتَّقْدِيرُ: هَلْ رَأَيْتَ كَالَّذِي حَاجَّ، أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: إِنَّ الْمَعْنَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ؟ أَلَمْ تَرَ مَنْ هُوَ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ؟ فَحُذِفَ قَوْلُهُ: مَنْ هُوَ. وَقَدِ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الْكَافَ زَائِدَةٌ، وَاخْتَارَ آخَرُونَ أَنَّهَا اسْمِيَّةٌ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَرْيَةَ هِيَ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ بَعْدَ تَخْرِيبِ بُخْتُنَصَّرَ لَهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْقَرْيَةِ: أَهْلُهَا. وَقَوْلُهُ:
خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أَيْ: سَاقِطَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، أَيْ: سَقَطَ السَّقْفُ، ثُمَّ سَقَطَتِ الْحِيطَانُ عَلَيْهِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: خَالِيَةٌ مِنَ النَّاسِ وَالْبُيُوتُ قَائِمَةٌ وَأَصْلُ الْخَوَاءِ: الْخُلُوُّ، يُقَالُ:
خَوَتِ الدَّارُ، وَخَوِيَتْ، تَخْوِي خَوَاءً ممدود، وخيّا وَخَوْيًا: أَقْفَرَتْ، وَالْخَوَاءُ أَيْضًا: الْجُوعُ لِخُلُوِّ الْبَطْنِ عَنِ الْغِذَاءِ. وَالظَّاهِرُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: عَلى عُرُوشِها مِنْ خَوَى الْبَيْتُ: إِذَا سَقَطَ، أَوْ مِنْ خَوَتِ الْأَرْضُ: إِذَا تَهَدَّمَتْ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، أَيْ: مِنْ حَالِ كَوْنِهَا كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ أَيْ: مَتَى يُحْيِي؟ أَوْ كَيْفَ يُحْيِي؟ وَهُوَ اسْتِبْعَادٌ لِإِحْيَائِهَا وَهِيَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُشَابِهَةِ لِحَالَةِ الْأَمْوَاتِ الْمُبَايِنَةِ لِحَالَةِ الْأَحْيَاءِ، وَتَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ: لِكَوْنِ الِاسْتِبْعَادِ نَاشِئًا مِنْ جِهَتِهِ، لَا مِنْ جِهَةِ الْفَاعِلِ. فَلَمَّا قَالَ الْمَارُّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مُسْتَبْعِدًا لِإِحْيَاءِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْعِمَارَةِ لَهَا، وَالسُّكُونِ فِيهَا، ضَرَبَ اللَّهُ لَهُ الْمَثَلَ فِي نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا سَأَلَ عَنْهُ فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وَحَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ هَذَا الْقَوْلُ شَكًّا فِي قدرة الله على الإحياء، فلذلك ضرب له المثل في نفسه. قال ابن عطية: ليس يدخل شكّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى إِحْيَاءِ قَرْيَةٍ بِجَلْبِ الْعِمَارَةِ إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ الشَّكُّ إِذَا كَانَ سُؤَالُهُ عَنْ إِحْيَاءِ مَوْتَاهَا. وَقَوْلُهُ:
مِائَةَ عامٍ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. وَالْعَامُ: السَّنَةُ، أَصْلُهُ مَصْدَرٌ كَالْعَوْمِ، سُمِّيَ بِهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنَ الزَّمَانِ.
وَقَوْلُهُ: بَعَثَهُ مَعْنَاهُ أَحْيَاهُ. قَوْلُهُ: قالَ كَمْ لَبِثْتَ هُوَ اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ مَاذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ بَعْثِهِ؟ وَاخْتُلِفَ فِي فَاعِلِ قَالَ فَقِيلَ: هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وقيل: ناداه بذلك ملك من السَّمَاءِ قِيلَ: هُوَ جِبْرِيلُ وَقِيلَ: غَيْرُهُ وَقِيلَ: إِنَّهُ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قِيلَ: رَجُلٌ مِنَ المؤمنين من قومه شاهده عند أَنْ أَمَاتَهُ اللَّهُ وَعُمِّرَ إِلَى عِنْدِ بَعْثِهِ. والأولى أَوْلَى لِقَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ إلّا عاصما: كم لبتّ بِإِدْغَامِ الثَّاءِ فِي التَّاءِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَخْرَجِ. وَقَرَأَ غَيْرُهُمْ: بِالْإِظْهَارِ، وَهُوَ أَحْسَنُ، لِبُعْدِ مَخْرَجِ الثَّاءِ مِنْ مَخْرَجِ التَّاءِ. وكَمْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَإِنَّمَا قَالَ: يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ بِنَاءً عَلَى مَا عِنْدَهُ، وَفِي ظَنِّهِ، فَلَا يَكُونُ كَاذِبًا، وَمِثْلُهُ: قَوْلُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ: قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ومثله: قوله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ: «لَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنْسَ» وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصِّدْقَ: مَا طَابَقَ الِاعْتِقَادَ، وَالْكَذِبَ: مَا خَالَفَهُ. وَقَوْلُهُ: قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ هُوَ اسْتِئْنَافٌ أَيْضًا كَمَا سَلَفَ، أَيْ: مَا لَبِثْتَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ بَلْ لبثت مِائَةَ عَامٍ. وَقَوْلُهُ: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَذَا الْأَثَرِ الْعَظِيمِ مِنْ آثَارِ الْقُدْرَةِ، وَهُوَ عَدَمُ تَغَيُّرِ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ مَعَ طُولِ تِلْكَ الْمُدَّةِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «وَهَذَا طَعَامُكُ وَشَرَابُكُ لَمْ يَتَسَنَّهْ» وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: «وَانْظُرْ لِطَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لِمِائَةِ سَنَةٍ» . وَرُوِيَ عَنْ طَلْحَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَأَ: «لَمْ يَسَّنَّ» بِإِدْغَامِ التَّاءِ فِي السِّينِ وَحَذْفِ

اسم الکتاب : فتح القدير للشوكاني المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست