responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 578

أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [الأعراف : ١٤٣] ومما يدل على أن آدم قبل وسوسته قوله تعالى : (فَأَكَلا) بالفاء والفاء مشعر بالعلية كقول الصحابي : «زنى ماعز فرجم» وما في الآية قد مر تفسيره في «الأعراف» إلا قوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) قال بعض الناس : إن آدم ذنبه كبيرة وإلا لم يوصف بالعصيان والغواية فإن العاصي والغاوي اسمان مذمومان عرفا وشرعا وقد ترتب الوعيد عليهما. وأجيب بأن المعصية مخالفة الأمر والأمر قد يكون مندوبا. وزيف بالمنع من أن المندوب غير مأمور به. ثم أن مخالفة عاص وإلا كان الأنبياء كلهم عصاة لأنهم لا ينكفون عن ترك المندوب. قالوا : يقال أشرت إليه في أمر كذا فعصاني وأمرته بشرب الدواء فعصاني. وأجيب بالمنع من أن هذا من مستعملات العرب العاربة ، ولو سلم فلعله إنما يقال ذلك إذا عرف أن المستشير لا بد له أن يفعل ذلك ، وحينئذ يكون معنى الإيجاب حاصلا وإن لم يكن وجوب شرعي لأن ذلك الإيجاب لم يصدر عن الشارع. ومنهم من زعم أنه ذنب صغير وهم عامة المعتزلة ورد بأن المعاصي اسم من يستحق العقاب وهذا لا يليق بالصغيرة. وأجاب أبو مسلم الأصفهاني بأنه عصى في مصالح الدنيا لا فيما يتصل بالتكاليف ولهذا قال سبحانه (فَغَوى) أي خاب من نعيم الجنة لأن الرشد هو أن يتوصل بشيء إلى شيء فيصل إلى المقصود والغي ضده ، وأنه سعى في طلب الخلود فنال ضد المقصود. وعن بعضهم (فَغَوى) أي بشم من كثرة الأكل وزيفه جار الله. ورد قول أبي مسلم بأن مصالح الدنيا تكون مباحة فلا يوصف تاركها بالعصيان.

قلت : في هذا نظر ، والأحوط في هذا الباب أن يعتقد كون هذه الواقعة قبل النبوة بدليل قوله : (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ) أي اختاره للرسالة (وَهَدى) لحفظ أسباب العصمة. أصل الاجتباء هو الجمع كما مر في آخر «الأعراف». يروى عن أبي أمامة : لو وزنت أحلام بني آدم لرجح حلمه. وقد قال الله تعالى : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال العلماء : فيه دليل على أنه لا رادّ لقضائه وما قدره كائن لا محالة ، وإذا جاء القضاء عمي البصر والدليل قد يكون في غاية الظهور ومع ذلك يخفى على أعقل الناس كما خفي على آدم عداوة إبليس ، وأنه تعرّض لسخط الله في شأنه حين امتنع من سجوده فكيف قبل منه وسوسة (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) [الأنفال : ٦٨] قال المحققون : الأولى أن لا يطلق لفظ العاصي والغاوي على آدم عليه‌السلام وإن ورد في القرآن (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) لأنه لم تصدر عنه الزلة إلا مرة واحدة ، وصيغة اسم الفاعل تنبىء عن المزاولة ، ولأن المسلم إذا تاب عن الشرب أو الزنا وحسنت توبته لا يقال له شارب وزان ، ولأن السيد يجوز له أن يشتم عبده بما شاء وليس لغيره ذلك. (قالَ اهْبِطا) قد مر تفسير مثله في «البقرة» خاطبهما بالهبوط لأنهما أصلا

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 578
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست