responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 501

التفسير :لما أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأمته بالتبعية أن يعبدوا الله ويصطبروا لعبادته كان لمنكر أن يعترض بأن هذه العبادات لا منفعة فيها في الدنيا لأنها مشقة ولا في الآخرة لاستبعاد حشر الأجساد إلى حالها ، فلا جرم حكى قول المنكر ليجيب عن ذلك فقال : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) وهو للجنس لأن هذا الاستغراب مركوز في الطباع قبل النظر في الدليل ، أو لأن هذا القول إذا صدر عن بعض الأفراد صح إسناده إلى بني نوعه لأنه منهم كما يقال : بنو فلان قتلوا فلانا وإنما القاتل واحد منهم. وقيل : المراد بالإنسان هاهنا شخص معين هو أبو جهل أو أبي بن خلف. وقيل : بعض الجنس هم الكفرة. وانتصب «إذا» بفعل مضمر يدل عليه (أُخْرَجُ) المذكور لا نفسه لأن ما بدعه لام الابتداء لا يعمل فيما قبله. لا تقول : اليوم لزيد قائم. وإنما جاز الجمع بين حرف الاستقبال وبين لام الابتداء المفيدة للحال ، لأن اللام هاهنا خلصت لأجل التأكيد كما خلصت الهمزة في «يا الله» للتعويض ، واضمحل عنها معنى التعريف. و «ما» في «إذا» ما للتوكيد أيضا وكأنهم قالوا مستنكرين : أحقا أنا سنخرج أحياء حين تمكن فينا الفناء بالموت؟ والمراد بالخروج إما الخروج من الأرض أو الخروج من حال الفناء أو الندور ومن قولهم : «خرج فلان عالما» إذا كان نادرا في العلم فكأنه قال على سبيل الهزء : سأخرج حيا نادرا. وإنما قدم الظرف وأولى حرف الإنكار من قبل أن ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة ومنه جاء الإنكار كقولك لمن أساء إلى محسنه «أحين تمت عليك نعمة فلان أسأت إليه»؟! ولما كان الإنسان لا يصدر عنه هذا الإنكار إلا إذا لم يتذكر أو لم يذكر النشأة الأولى قال سبحانه منبها على ذلك (أَوَلا يَذْكُرُ) وهاهنا إضمار تقديره أيقول ذلك ولا يذكر. وزعم جار الله أن الواو عطفت لا يذكر على يقول في قوله : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف الجر. قال العقلاء : لو اجتمعت الخلائق على إيراد حجة في البعث أوجز من هذه لم يقدروا عليها ، لأن خلق الذات مع الصفات أصعب من تغيير الذات في أطوار الصفات ، وهذا معلوم لكل صانع يتكرر عنه عمل ، لأن الأول لم يستقر بعد في خزانة خيال. والثاني قد ارتسم واستقر وثبت له مثال واحتذاء. وإذا كان حال من يتفاوت في قدرته الصعب والسهل كذلك ، فما الظن بمن لا يتوقف مقدوره إلا على مجرد تعلق الإرادة الأزلية به؟ وفي قوله : (وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) بحث قد مر في أول السورة مثله.

وحين نبه على النكتة الضرورية أكدها بالإقسام قائلا (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ) الفاء للاستئناف وهو يفيد الإعراض عن قصة والشروع في أخرى عقيبها والواو للقسم وشرف

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 501
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست