responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 470

أمنع من كونه غير مستجاب الدعوة. وأجيب بأن عدم ترتب الغرض من طلب الولد لا يوجب الكذب. وأقول : الاعتراض باق لأن المعنى يؤل إلى قولنا «هب لي وليا موصوفا بالوراثة» أو بأن الغرض منه الوراثة ، أوهب لي وليا أخبر عنه بأنه يرثني. وعلى التقادير يلزم عدم الاستجابة أو الكذب. والحق في الجواب هو ما سلف لنا في قصة زكريا من سورة آل عمران ، أن النبي لا يطلب في الدعاء إلا الأصلح حتى لو كان الأصلح غير ما طلبه فصرفه الله تعالى عنه كان المصروف إليه هو بالحقيقة مطلوبه. ويمكن أن يقال : لعل الوراثة قد تحققت من يحيى وإن قتل قبل زكريا ، وذلك بأن يكون قد تلقى منه كتاب أو شرع هو المقصود من وجود يحيى وبقي ذلك الكتاب أو الشرع معمولا به بعد زكريا أيضا إلى حين. وقد روى صاحب الكشاف هاهنا قراءات شاذة لا فائدة كثيرة في تعدادها إلى قوله عن علي وجماعة وأرث من آل يعقوب أي يرثني به وارث ويسمى التجريد في علم البيان. فقيل : هو أن تجرد الكلام عن ذكر الأول حتى تقول «جاءني فلان فجاءني رجل» لا تريد به إلا الأول ، ولذلك تذكر اسمه في الجملة الثانية ، وتجرد الكلام عنه. وأقول : يشبه أن يكون معنى التجريد هو أنك تجرده عن جميع الأوصاف المنافية للرجولية. وكذا في الآية كأنه جرده عن منافيات الوارثية بأسرها.

واختلف المفسرون في أنه طلب ولدا يرثه أو طلب من يقوم مقامه ولدا كان أو غيره؟ والأول أظهر لقوله في آل عمران (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) [آل عمران : ٣٨] ولقوله في سورة الأنبياء (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً) [الأنبياء : ٨٩] حجة المخالف أنه لما بشر بالولد استعظم وقال (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) ولو كان دعاؤه لأجل الولد ما استعظم ذلك. والجواب ما مر في آل عمران. واختلفوا أيضا في الوراثة فعن ابن عباس والحسن والضحاك : هي وراثة المال. وعنهم أيضا أن المراد يرثني المال ويرث من آل يعقوب النبوّة أو بالعكس. وفي رواية أبي صالح أن المراد في الموضعين النبوّة. فلفظ الإرث مستعمل في المال (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) [الأحزاب : ١٧] وفي العلم (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) [غافر : ٥٣] «العلماء ورثة الأنبياء» وحجة الأولين ما روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «رحم الله زكريا وما عليه من يرثه» فإن ظاهره يدل على أنه أراد بالوراثة المال. وكذا قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» [١] ، وأيضا العلم والنبوة كيف


[١] رواه البخاري في كتاب الخمس باب : ١. مسلم في كتاب الجهاد حديث ٤٩ ـ ٥٢. أبو داود في كتاب الإمارة باب : ١٩. الترمذي في كتاب السير باب : ٤٤. النسائي في كتاب الفيء باب : ٩ ، ١٦. الموطأ في كتاب الكلام حديث ٢٧. أحمد في مسنده (١ / ٤ ، ٦ ، ٩ ، ١٠).

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 470
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست