responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 393

خبت النار تخبو خبوا وأخباها غيرها أي أخمدها (زِدْناهُمْ سَعِيراً) قال ابن قتيبة : أي تسعرا وهو التلهب. ولا ريب أن خبو النار تخفيف لأهليها فكيف يجمع بينه وبين قوله : (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) [البقرة : ١٦٢] وأجيب بأنه يحصل لهم في الحال الأولى خوف حصول الحالة الثانية فيستمر العذاب ، أو يقال : لما عظم العذاب صار التفاوت الحاصل في الوقتين غير مشعور به ، ويحتمل أن يقال : المراد بعدم التخفيف أنه لا يتخلل زمان محسوس أو معتد به بين الخبو والتسعر. وقال في الكشاف : لأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجرامهم تأكلها وتفنيها. ثم يعيدها ، وفيه زيادة في تحسرهم وفي الانتقام منهم. ومما يدل على هذا التفسير قوله : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ) الآية.

ثم أبدى للجاحدين حجة يستبصر المذعن للحق إذا تأمل فقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا) الآية. وذلك أن من قدر على خلق السموات والأرض كان على إعادة من هو أدون منها أقدر ، وعلى هذا فالمراد من خلق مثلهم إعادتهم بعد الإفناء كما يقول المتكلمون من أن الإعادة مثل الابتداء. ومن قال : أراد أنه قادر على إفنائهم وإيجاد غيرهم بصورتهم ليوحدوه ويتركوا الاعتراض عليه كقوله : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) [فاطر : ١٦] أي يبعثهم. وحين بيّن أن البعث أمر ممكن في نفسه ذكر أن لوقوعه وقتا معلوما ما عنده فقال : (وَجَعَلَ لَهُمْ) أي لبعثهم (أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ) قال جار الله : قوله : (وَجَعَلَ) معطوف على قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا) والمعنى قد علموا بدليل العقل أنه قادر على خلق أمثالهم وجعل لهم. وأقول : يحتمل أن يكون الواو للاستئناف ووجه النظم كما مر لما طلبوا إجراء الأنهار والعيون في أراضيهم لتتسع معايشهم بين الله تعالى أنهم لو ملكوا خزائن رحمة الله وهي رزقه وسائر نعمه عى خلقه التي لا نهاية لها لبقوا على بخلهم وشحهم فضلا أن يملكوا خزائن هن بصدد الفناء والنفاد. قال النحويون : كلمة «لو» حقها أن تدخل على الأفعال دون الأسماء ، لأنها حين تكون على معناها الأصلي تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره. والاسم يدل على الذوات والفعل هو الذي يدل على الآثار والأحوال لا الذوات. وأيضا إنها هاهنا بمعنى «إن» الشرطية وهي مختصة بالفعل فلا بد من تقدير فعل بعدها ، فأصل الكلام : لو تملكون تملكون مرتين. فأضمر «تملك» إضمارا على شريطة التفسير فصار الضمير المتصل منفصلا لسقوط ما كان يتصل هو به فـ (أَنْتُمْ) فاعل الفعل المضمر (تَمْلِكُونَ) تفسيره. وقال علماء البيان : فائدة هذا التصرف الدال على الاختصاص أنهم هم المختصون بالشح المتبالغ ، وذلك لأن الفعل الأول لما سقط لأجل

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست