responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 252

يليق به عبادة الأخس فكذا هاهنا. وقال الكعبي في تفسيره : نحن لا نطلق لفظ الخالق على العبد ومن أطلق ذلك فقد أخطأ إلا في مواضع ذكرها الله تعالى كقوله : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ) [المائدة : ١١٠] فعلى هذا لا يتوجه عليهم السؤال إلا أن أصحاب أبي هاشم يطلقون لفظ الخالق على العبد حتى إن أبا عبد الله البصري قال : إطلاق لفظ الخالق على العبد حقيقة وعلى الله مجاز لأن الخلق عبارة عن التقدير وهو الظن والحسبان. ثم لما فرغ من تعديد الآيات التي هي بالنسبة إلى المكلفين نعم قال : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) وقد مر تفسيره في سورة إبراهيم. قال العقلاء : إن كل جزء من أجزاء البدن الإنساني لو ظهر فيه أدنى خلل لنغص العمر على الإنسان وتمنى أن ينفق الدنيا لو كانت في ملكه حتى يزول عنه ذلك الخلل. ثم إنه سبحانه يدبر أحوال بدن الإنسان على الوجه الملائم له غالبا مع أن الإنسان لا علم له بوجود ذلك الجزء ولا بمصالحه ومفاسده ، فليكن هذا المثال حاضرا في ذهنك وقس عليه سائر نعم الله تعالى حتى تعرف تقصيرك وقصورك عن شكر أدنى نعمة فضلا عن جميعها ، ولهذا ختم الآية بقوله : (إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر التقصير الصادر عنكم في أداء شكر النعمة ويرحمكم حيث لا يقطعها عنكم بالتفريط ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها. كانوا مع اشتغالهم بعبادة غير الله يسرون ضروبا من الكفر والمكايد في حق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأوعدهم بقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) وفيه أيضا تعريض وتوبيخ بسبب أن الإله يجب أن يكون عالما بالسر والعلانية ، والأصنام التي عبدوها جمادات لا شعور لها أصلا فكيف يحسن عبادتها.

ثم زاد في التوبيخ فقال : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) أي الآلهة الذين يدعونهم الكفار (مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) وقد ذكر هذا المعنى في قوله : (كَمَنْ لا يَخْلُقُ) وزاد هاهنا قوله : (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) أي بخلق الله أو بالنحت والتصوير وهم لا يقدرون على نحو ذلك فهم أعجز من عبدتهم ، ففي هذه الآية زيادة بيان لأنه نفى عنهم صفة الكمال وأثبت صفة النقصان. وكذلك قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) يستلزم ذمهم مرتين لأن من الأموات ما يعقب موته حياة كالنطفة والجسد الإنساني الذي فارقه الروح ، وأما الحجارة فأموات لا تقيل الحياة أصلا. وفيه أن الإله الحق يجب أن يكون حيا لا يعقبه موت وحال هذه الأصنام بالعكس. وفيه أن هؤلاء الكفار في غاية الغباوة وقد يقرر المعنى الواحد مع الغبي الجاهل بعبارتين مختلفتين تنبيها على بلادته (وَما يَشْعُرُونَ) الضمير فيه للآلهة. أما الضمير في (أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) فإما للآلهة أيضا ويؤيده ما روي عن ابن عباس أن الله تعالى يبعث الأصنام لها أرواح ومعها شياطينها فيؤمر بالكل إلى النار ، وإما للداعين أي لا يشعر

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست