responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 241

قتادة بالعكس منه. قال أهل النظم : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يخوفهم بعذاب الدنيا تارة وهو القتل والاستيلاء عليهم كما حصل في يوم بدر ، وتارة بعذاب القيامة. ثم إن القوم لما لم يشاهدوا شيئا من ذلك أقبلوا على تكذيبه وكانوا يستعجلون ما وعدوا به استهزاء. وروي أنه لما نزلت (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [القمر : ١] قال الكفار فيما بينهم : إن هذا يزعم أن القيامة قد اقتربت فأمسكوا عن بعض ما تعملون حتى ننظر ما هو كائن. فلما تأخرت قالوا : ما نرى شيئا فنزلت (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) [الأنبياء : ١] فأشفقوا وانتظروا قربها ، فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فنزلت (أَتى أَمْرُ اللهِ) فوثب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورفع الناس رؤوسهم فنزلت (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) فاطمأنوا. والحاصل أن قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) جواب عن شبهتهم إجراء لما يجب وقوعه مجرى الواقع كما يقال لمن طلب الإغاثة وقرب حصولها : جاءك الغوث فلا تجزع. أو المراد أن (أَمْرُ اللهِ) بذلك وحكمه قد وقع وأتى. فأما المحكوم به فإنما لم يقع لأنه تعالى حكم بوقوعه في وقت معين فقبل مجيء ذلك الوقت لا يخرج إلى الوجود فلا تستعجلوه ولا تطلبوا حصوله قبل حضور ذلك الوقت. ثم إن المشركين كأنهم قالوا : هب يا محمد أنا سلمنا صحة ما تقول من أنه تعالى حكم بإنزال العذاب علينا إما في الدنيا وإما في الآخرة إلا أنا نعبد هذه الأصنام لأنها شفعاؤنا عند الله فكيف نستحق العذاب بسبب هذه العبادة؟ فأجاب الله عن هذه الشبهة بقوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) كما مر في أول سورة يونس. والمراد تنزيه نفسه عن الأضداد والأنداد وأن يكون لأحد من الأرواح والأجساد أن يشفع عنده إلا بإذنه ، أو يستعجل في حكم من أحكامه. أو قضية قبل أوانه. ثم إنهم كأنهم قالوا سلمنا أنه تعالى أن يقضي على طائفة باللطف وعلى الآخرين. بالقهر ولكن كيف صرت واقفا على أسرار الله تعالى في ملكه وملكوته دوننا ، من أين حصل لك هذا الفضل علينا؟ فأزال الله سبحانه شبهتهم بقوله : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) الآية. والمراد أن له بحكم المالكية أن يختص بعض عبيده بإنزال الوحي عليه ويأمره بأن يكلف سائر العباد بمعرفة توحيد الله وبعبادته ، فظهر بهذا البيان أن هذه الآيات منتظمة على أحسن الوجوه. قال الواحدي : روى عطاء عن ابن عباس أنه أراد بالملائكة هاهنا جبرائيل وحده ، وتسمية الواحد بالجمع إذا كان رئيسا مطاعا جائزة. وعلى هذا التفسير فالمراد بالروح كلام الله تعالى كقوله : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] قال المحققون : الروح الأصلي هو القرآن الذي فيه بيان المبدأ والوسط والمعاد ، فبه يحصل إشراق العقل ، وبالعقل يكمل ضياء جوهر الروح ، وبالروح يكمل حال الجسد فهو الأصل والباقي فرع عليه وبهذه

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست