responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 601

التفسير : الحكم الثالث : بيان حرمة الخمر والميسر. قالوا : نزلت في الخمر أربع آيات نزلت بمكة (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) [النحل : ٦٧] فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال ، ثم إن عمر ومعاذا ونفرا من أصحابه قالوا : يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال فنزلت هذه الآية ، فشربها قوم وتركها آخرون. ثم دعا عبد الرحمن بن عوف ناسا منهم فشربوا وسكروا ، فأمّ بعضهم فقرأ : قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون. فنزلت (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) [النساء : ٤٣] فقلّ من يشربها. ثم دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد ابن أبي وقاص فلما سكروا افتخروا وتناشدوا حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء الأنصار ، فضربه أعرابي بلحي بعير فشجه موضحة ، فشكا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال عمر : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا. فنزلت (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى قوله (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩٠] فقال عمر : انتهينا يا رب. والحكمة في وقوع التحريم على هذا الوجه أن القوم قد ألفوا شرب الخمر وكان انتفاعهم بذلك كثيرا ، فلو منعوا دفعة واحدة لشق ذلك عليهم فإن الفطام عن المألوف شديد ، فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج والرفق.

واختلف العلماء في مفهوم الخمر فقال الشافعي : كل شراب مسكر فهو خمر. وقال أبو حنيفة : الخمر ما غلى واشتد وقذف بالزبد من عصير العنب. احتج الشافعي بما روى أبو داود في سننه عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال : نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة : من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير. وهذا دليل على أن الخمر عندهم كل ما خامر العقل أي خالطه. والتركيب يدل على الستر والتغطية ، ومنه خمار المرأة. وكذا ما روي عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن من العنب خمرا ، وإن من التمر خمرا ، وإن من العسل خمرا ، وإن من البر خمرا وإن من الشعير خمرا» ، قال الخطابي : إنما جرى ذكر هذه الأشياء خصوصا لكونها معهودة في ذلك الزمان ، وكل ما في معناها من ذرة أو سلت أو عصارة شجر فحكمها حكم هذه الخمسة. كما أن تخصيص الأشياء الستة بالذكر في خبر الربا لا يمنع من ثبوت حكم الربا في غيرها. وعن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» [١] فمراد الشارع أن كل


[١] رواه مسلم في كتاب الأشربة حديث ٧٣. أبو داود في كتاب الأشربة باب ٥. الترمذي في كتاب الأشربة باب ١. ابن ماجه في كتاب الأشربة باب ٩. أحمد في مسنده (٢ / ١٦ ، ٢٩).

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 601
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست